كالوصي، هاذا كان الوصيُّ قد أتلف مالاً، فلا يبرأ عن ضمانه؛ حتَّى يدفعه إِلى الحاكم، ثم يردَّه الحاكم عليه، إن ولاه، وفي مثله للأبِ أن يقبض الضمانَ من نفْسِهِ لولده، وليس من التعدِّي أكْلُ الأب والوصيِّ مالَ الطفَلِ للضَّرورة، لكن إذا وجب الضمانُ، فطَرِيق البراءة ما ذكَرْنا، وتصرفات الوصيِّ بعد ما انعزل بالفسْقِ مردودٌ. قال القَفَّالُ: لكن رد الغصوب، والعواري والودائع وقضاء الديون من جنسها في التركة -لا ينقض, لأن أخذ المستحقِّ فيها كاف.
وإن جُنَّ الوصيُّ أو أُغْمِيَ عليه، أقام الحاكمُ غيرهُ مُقَامَهُ، فإن أفاق، فَوَجْهَان:
أحدهما: أنه على ولايته، كالأب والجَدِّ، والإمام الأعظم، إِذا أَفاقوا.
وأظهرهما: المَنْع؛ لأنه يلي بالتفويضِ كالتوكيل، بخلاف الأب والجد بخلافِ الإمام للمصْلَحَة الكلِّيَّة.
ويجري الوجْهَان في القاضي، إِذا أفاق وإذا أفاق الإمام الأعظم بَعْد ما وُلِّيَ غيره، فالولاية للثاني إلاَّ أن تثُورَ فتنَةٌ، فهي للأول، قاله في "التهذيب"، وإذا اختلَّت كفاية الوصيَّ؛ بأن ضعُفَ عن الكتابة، والحساب، أو ساء تدبيرُهُ؛ لِكِبرٍ، أو مرضٍ، فيضم القاضي إِليه من يعينه ويُرْشِدُه، ولو عوض ذلك لقيِّم القاضي عزله؛ لأنه الذي نصبه، فيأتي بخير منه، أو مثلهُ. ومنصوب الأب يُحْفَظُ ما أمكن.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّانِي: المُوصِي وَهُوَ كُلُّ مَنْ لَهُ وِلاَيَةٌ عَلَى الأَطفَالِ شرْعاً كَالأَبِ وَالجَدِّ، أَمَّا الوَصِيّ فَلَيْسَ لَهُ إِلايصَاءُ إِلاَّ إِذَا أَذِنَ لَهُ الوَليُّ في الإيصَاءِ فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَصَحِّ القَوْلَيْنِ، كَمَا إِذَا اشتَرَطَ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ وَصِيّاً بَعْدَ البُلُوغِ إِذْ يَتَحَوَّلُ الوِصَايةُ إِلَيهِ، وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَشَرَطَ اسْتِقْلاَلَ أَحَدِهِمَا عِنْدَ مَوْتِ الثَّانِي، صَحَّ شَرْطُهُ، وَلاَ يَجُوزُ نَصْبُ الوَصِيِّ عَلَى الأَولاَدِ البَالِغَينَ، نَعَمْ يُنَصَّبُ وَصِيّاً في قَضَاءِ الدُّيُونِ وَتَنفِيذِ الوَصايَا، وَلاَ يجُوزُ نَصْبُ الوَصِيِّ في حَياةِ الجَدِّ فَإنَّهُ وَليٌّ شَرْعَاً.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الرُّكْنُ الثاني: الموصِي.
فإن كانت الوصايةُ في قضاء الدُّيُون، وتنفيذِ الوَصَايا فتصحُّ من كل حرٍّ مكلَّف. وأما في أمور الأطفال، فيُشْتَرَطُ مع ذلك أنْ يكون للموصِي ولايةً على الأطفالِ ابتداءً من الشرع، لا بتفويضٍ (1)، وشرطٍ، وفيه مسائل: