الكتاب وغيره: هذا يدلُّ عَلَى أن للإدْلاَءِ بالأمِّ أَثراً في الاستحقاق، وحينئذٍ: فلا يبعُدُ عن القياس تأثيرُهُ عند الانفراد.
الثالثة: لا يفضل أَحدٌ، عَلَى أَحدٍ من ذوي القربَى إِلاَّ بالذكورة، فللذَّكَر سهمان، وللأنثى سهم؛ لأَنه مستحقٌّ بقرابة الأَب، فأشبه الميراثَ، وعند المزنيِّ -رحمه الله- يُسمَّى بينهما في الوصيَّة للأقارب.
وقوله في الكتاب "ولا يفضل أَحدٌ على أَحدٍ" يجوز أنْ يُعْلَمَ بالواو؛ لما نقل عن القاضي من تفضيل المُدْلِي بجهتين.
وقوله "إلاَّ بالذكورة فإنه يضعف بها الحق" بالزاي والحاء؛ لأَن أَبا حنيفة في الرواية الَّتي أثبت لذوي القُرْبَى حقّاً لم يفضل الذَّكَر على الأُنثى.
وقوله: "أَقارب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كبني هاشم وبني المطلب" لو قال بدله: "بنو هاشم وبنو المطلب" على البدل من الأَقارب، لَكَانَ أحسن؛ لأن الكاف للتَّمْثِيل، لا مستحق سِوَاهُم؛ حتى يمثلِ بِهِمْ.
قَالَ الغَزَالِيُّ: السَّهْمُ الثَّالِثُ: اليَتَامَى وَهُوَ كُلُّ طِفْلٍ لاَ كَافِلَ لَهُ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَقِيراً عَلَى أَظْهَر الوَجْهَيْنِ لِأَنَّ لَفْظَ اليَتِيمِ يُنْبِئُ عَنْهُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: أحدُ سهامِ الخمس لليتامَى، ولا بد من الصِّغَر في تحقيق اسْمِ اليتيم، رُوِيَ أَنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يُتْمَ بَعْدَ الحُلُمَ" (1).
ثم قال الأكثرون: اليَتِيمُ الصَّغيرُ الذي ليس له أَبٌ، فاكتفوا بِفِقْدَانِ الأَبِ، وهذا ما أَوردناه في الوصيَّة.
ومنْهم؛ من أَضافَ إِليه الجَدَّ، فقال: الَّذي لاَ أَبَ لَهُ، ولاَ جَدَّ.
وقوله في الكتاب: "وهو كلُّ طفلٍ لا كافِلَ له" أَعمُّ من ذلك، فالمفْهُوم من الكافِلِ الَّذي يقوم بنفقته ومؤناته، ومقتضاه اشتراطُ فِقْدَانِ الأُصولِ، لكنَّ غالب الظَّنِّ خلافُه، بل الوضعُ والعُرْف يُوجِبُ الاكتفاءَ بِفِقْدَانِ الأَب.
وقد صرَّح به بعض شارِحِي المِفْتَاحِ، وظاهر المذْهَب: أَنه يشترط الفقْرُ، ووجه بأن استغناءه بمالِ أبيهِ، إِذا منع من الاستحقاق، فاستغناؤه بمالِ نَفْسه أَولى أَن يمنع، وبأَن