والثالث: وهُوَ الأصحُّ: أنَّه من الأخماس الأربعةِ المقْسُومة بَيْن الغانِمِينَ؛ لأنه سَهْمٌ من الغنيمة مستَحَقٌّ بحضور الوقْعَة إِلاَّ أنه ناقِصٌ.
وأما أهل الذِّمَّةِ، فأصَحُّ الطريقين: أَنَّ رَضخَهم كرضْخِ العبيد.
والثاني: القَطْع بأنَّهم يُعْطَوْنَ من خُمُس الخُمُس؛ لأنهم يُعْطَوْن لمجرَّد المصْلَحة وغيرهم بحضور الوقْعَة، ومنْهم مَنْ خصَّص هذا القَوْلَ برَضْخِ أهل الذِّمَّة، ولم يثبت في حقِّ غيرهم إلاَّ القَوْل الأوَّل والثَّالث، وحيْثُ قلْنا: إنَّ الرضخ من أصْلِ الغنيمة، فيبدأ الإِمَامُ به، كما يبدأ بالسَّلَب، ثم يقسم الباقِي خُمُساً وأربعة أخْمَاسٍ.
وأما لفْظُ الكتابِ، فقوله: "وأما الرضْخُ: فهو مالٌ تقديرُه إلَى رأي الإمام تمام الكلام بعد قوله: "يصرف إلى العَبِيدِ والصبيانِ والنساء" كأنه قال: الرضْخُ: مالٌ يصرف إلَيْهِم، وقدْرُه يتْبَعُ فيه رأي الإمام، وُيشْتَرَطُ ألا يزيد عَلَى سَهْمٍ واحدٍ من الغانمين، وإنما قال: بَلْ ينقص؛ لأنه قال: أَوَّلاً بشرط ألا يزيد، ولا يكتفي بأنْ لاَ يزيدَ فاحتاج إلَى استدراكٍ، ولو قال: بشرط ألا يبلغ سَهْمَ واحدٍ من الغانمين، لاستغنَى عن الجَمْع بين الكلمَتَيْنِ، ثم ظاهرُ لفظه يُوافِق الوجّهَ الذاهِبَ إلى أنَّ سهْمَ ذي الرَّضْخِ، وإنْ كان فارِساً، لا يبلغ سهْمَ الرَّاجل من الغانِمِينَ، كما لا يبلغ سَهْم الفارِسِ منْهم، وأنهُ مُطْلقٌ، وبذلك أجاب الماوَرْدِيُّ -رحمه الله-.
وقوله: "وكذا الكافِرُ، إنْ حَضَر بإذْنِ الإمامِ، يُرْضَخُ لهم" يجوز أنْ يُعْلَمَ بالواو؛ لِمَا سَبَقَ، ثم في التقييد إِشارةٌ إلَى أنَّه حضَر بغَيْر إذن الإمام، لم يرضخ له، وهو الظاهرُ، ولكن يجوز أنْ يعلم بالواو؛ لما سَبَق وقوله: "من خمس الخُمُس، كالنفل" يعني على الأصحِّ من الخلاف الَّذي مَرَّ في النفل.
فُرُوعٌ: أحَدُهَا: إذا انفردَ العبيدُ، والنِّسَاء، والصِّبيَان بغَزْوةٍ، وغنموا، خمست ثم في الباقي ثلاثةُ أوجهٍ محكيَّةٍ في "الشَّامل" عن أبي إسحاق، وهو الأصحُّ عند القاضي أبي الطيِّبِ، أنه يقسم بينهم، كما يقسَّم الرضْخُ عَلَى ما يقتضيه الرأْيُ من التسْوية والتَّفضِيل.
والثانى: يُقَسَّم كما تقسَّم الغنيمةُ للفَارِس ثلاثةُ أسهم، وللراجل سَهْم.
والثالث: يُرْضَخ لهُمْ، ويجعل الباقِي في بيت المالِ، وخصَّص هذا الوجه في "التَّهذيب" بالصِّبْيَان والنساءِ، ولم يذكر في العبيد إلاَّ أنَّه لسادَاتِهِمْ، وحكى أنَّه لو سُبِيَ مراهِقُون ومجانِينُ صغاراً، حكم بإسلامهم تبعاً لهم، ولو كان مع أهل الرضْخ واحدٌ من أهْلِ الكَمَال، فيرضخ لهم، والباقي لذلك الواحدِ، ولا يُخمَّسُ ما أخذه الذمِّيّون من أهل الحَرْب؛ لأنَّ الخمس حقٌّ يجب على المُسْلمين؛ كالزَّكَاةَ (1).