والثالث: أن الواقع في الوقت أداء وفي الخارج قضاء كما أنه لو وقع الكل في الوقت كان أداء وإذا وقع خارجه كان قضاء. والذي ذكره معظم الأصحاب الفرق بين أن يكون الواقع في الوقت ركعة فصاعداً أو دونها واقتصروا على وجهين:
أصحهما: أنه إن وقع في الوقت ركعة فالكل أداء، وإلا فالكل قضاء، وبه قال ابن خيران؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْح قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ" (1).
وأيضاً فإن للركعة من التأثير ما ليس بغيرها. ألا ترى أنه تدرك الجمعة بركعة، ولا تدرك بما دونها.
والوجه الثاني: أن ما وقع في الوقت أداء والخارج عنه قضاء، وأورد إمام الحرمين الأوجه الثلاثة المذكورة في الكتاب ولكن بعد الفرض في الركعة، ثم قال: إن الأئمة ذكروا الركعة فيما يقع في الوقت، وكان شيخي يرد ذلك إلى تفصيل المذهب فيما يدرك به أصحاب الضرورات الفرض. قال: والذي ذكره غير بعيد.
وإذا عرفت ذلك، فإن كان صاحب الكتاب أراد بالبعض الذي أطلقه (2) الركعة، فذاك وإلا فهو جري على المنقول عن الشيخ أبي محمد. ثم فيما يدرك به أصحاب الضرورة الفرض قولان: أحدهما: ركعة. والثاني: تكبيرة.
ففرض الخلاف في مطلق البعض تكون جواباً على هذا القول الثاني، وليكن قوله: "يجعل القدر الخارج قضاء" معلماً بالألف؛ لأن القاضي الروياني روى أن عند أحمد إذا وقعت ركعة من الصلاة في الوقت فالكل أداء، كما هو الصحيح عندنا، ولا بأس بإعلامه بالحاء أيضاً؛ لأن عند أبي حنيفة لو طلعت الشمس -في خلال صلاة الصبح- بطلت، ولا يعتد بها لا قضاء ولا أداء، وسلم أنه لو غربت الشمس في خلال الصلاة من عصر يومه لا تبطل الصلاة.
لنا: ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاتَهُ وَإذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاتَهُ" (3). ومتى قلنا الخارج عن الوقت قضاء، أو قلنا الكل قضاء لم يجز للمسافر قصر تلك الصلاة على قولنا أن القصر لا مدخل له في القضاء، وهل يجوز تأخير الصلاة إلى حد يخرج بعضه عن الوقت؟ إن قلنا إنها مقضية، أو أن بعضها مقضي