أَحَدُهَا: أنها محرمة أيضاً، لقوله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} الأحزاب: 6 ويحكى هذا عن نَصِّهِ في "أحكام القرآن"، وبه قال ابنُ أَبِي هُرَيْرَةَ.
والثاني: لا تحرم لإِعراض النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنها، وانقطاع الاعتناء بها.
والثَّالِثُ: وَبِهِ قال الشيخ أَبو حَامِدٍ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أبو حَامِدٍ أنه الصحيح (1): إِنْ كانت مَدْخُولاً بها حُرِّمَتْ، وإلاَّ فلا؛ لما روي في الأشعث بن قيس نكح المستعيذة في زمان عُمَرَ -رضي اللَّهُ عنه-، فَهَمَّ برجمهما، فَأُخْبِرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فارقها قبل أن يَمَسَّهَا فخلاهما.
وهذه الأوجه في غير المُخَيَّرَاتِ، وأما المخيرات لو قدر اختيار بعضهن زينة الدنيا ففارقها، فهل يحل للأزواج؟ طَرَدَ أصحابنا العراقيون فيه الأوجه الثَّلاَثَةَ.
وقال أبو يَعْقُوبَ الأيبوردي وآخرون: نحل لا محالة، والاَّ لم يتمكن من غرضها من زينة الدنيا، ولما كان للتخيير معنى، وبهذا أخذ الإِمَامُ وصاحب الكتاب رحمهما الله. وإذا قلنا بتحريم من فارقها، ففي أَمَتِهِ الموطوءة إذا فارقها بالموت، أو غيره وجهان:
ومنها: أن زوجاته أمهات المؤمنين سواء فيه من ماتت تحت النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن مات النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي تحته، وذلك في تحريم نِّكَاحِهِنَّ ووجوب احترامهن، وطاعتهن، لا في النظر إليهن والخُلْوَةِ والمسافرة بهن، ولا يقال: لِبَنَاتِهِنَّ: إنهن أخوات المؤمنين؛ ألا ترى أنهن لا يحرمن على المؤمنين.
وكذلك لا يُقَالُ لآبائهن وأمهاتهن: أجداد المؤمنين وجداتهم، ولا لإِخواتهن وأخواتهن: أخوال المؤمنين وخالاتهم، وحكى أَبُو الْفَرَجِ الزاز وجهاً: أنه يطلق اسم الأخوة على بَنَاتِهِنَّ، واسم الخئولة على إخوَانِهِنَّ وأخواتهن، لثبوت حُرْمَةِ اْلأُمُومَةِ لهن، وهذا كما أن المسلمات كلهن أخوات أحد المسلمين بالإِسلام، وذلك لا يوجب تحريم