وقال القاضي الرَّويَانيُّ: إذا بلغت المرأة من السِّنِّ مبلغاً تأمن الافتتان بالنَّظَرِ إليها جاز النظر إلى وجهها وكفيها، ويدل عليه قوله تعالى {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} النور: 6 الآية.
و السادسة: للرجل أن ينظر من المحرم إلى ما يبدو عند المهنة، ولا يحل النظر إلى ما بين السرة والركبة، وفيما بينهما وجهان:
أظهرهما: ولم يتعرض كثير من الأصحاب لغيره-: أنه يحل النظر إليه أيضاً واحتجوا بقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} النور: 31 الآية -وبأن المحرمية معنى يوجب حرمة المنَاكَحَة أبداً فليكونا كالرَّجُلَيْنِ وكالمرأتين.
والثاني: المنع؛ لأن لا ضرورة إليه، والثَّدْيُ في زمان الإِرضاع مواضع الوجهين، أو يلحق بما يبدو عند المهنة فيه طريقان، والثاني منهما مُؤَبَّدٌ بالحاجة، ولا فرق في ذلك بين المحارم بالنَّسَبِ وبين المحارم بالمصاهرة والرضاع.
وفي "شرح الجويني" وَجْهٌ: أن في المحارم بالمصاهرة، والرضاع لا ينظر إلى ما يبدو عند المهنة، والصحيح الأول. إذا عرفت ذكرنا فتأمل في لفظ الكتاب.
واعلم قوله: "ولا يحل للرجل النظر إلى شيء من بدن الْمَرْأَةِ" بالواو -للوجه المشهور في جواز النظر إلى الوجه والكفين وقوله: "إلا إذا كان الناظر صَبِيَّاً" إن حمل على الطفل الذي لم يظهر على العورات خاصة، فلا حاجة إلى إعلامه بالواو وإن جرى على إطلاقه فليعلم بالواو لأحد الوجهين في المراهق أنه كالبالغ.
وقوله: أَو مَجْبُوباً قد يتبادر إلى لسان القارئ قراءته بنونين لاقترانه بالصبي، والصبي والمجنون يستويان في كثير من الأحكام لَكِنْ لا سبيل إليه تكون الصورة المذكورة مُسْتَثْنَاةُ من نفي الحل فلا بدّ من ثبوته فيها، والحل بمعنى الخطاب بأنه لا حرج عليك، أو بالتخيير ونحوه و لا يمكن إثباته في حق المجنون، ولا في الصبي؛