"كُلُّ كَلاَم لاَ يُبْدَأُ فِيْهِ بِالْحَمْدِ للهِ فَهُوَ أجْذَمُ" (1) ويروى "كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لاَ يُبْدَأ فِيْهِ بِحَمْدِ اللهِ فَهُوَ أبْتَّرٌ". وسواء خطب الولي، أو الزوج، أو أجنبي يحصل الاستحباب وإذا قال الولي: الحمد لله، والصلاة على رسول الله زوَّجت منك، فقال الزوج: الحمد لله والصلاة على رسول الله قبلت، هل يصح النكاح؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا -لأنه تخلل بين الإِيجاب والقبول ما ليس من العقد.
وأصحهما: الصحة؛ لأن المتخلل من مصالح العقد، ومقدمات القبول، فلا يقطع الموالاة بينهما كالإِقامة بين صلاتي الجمع، وكطلب الماء والتيمم، وبهذا الوجه أجاب أكثر الأصحاب من العراقيين وغيرهم، وقالوا: للنكاح خطبتان مستويتان:
إحداهما: تتقدم العقد.
والثانية: تتخلله وهو أن يقول: الولي بِسْمِ اللهِ، والْحَمْدُ للهِ، والصلاة على رسول الله أوصيكم بتقوى الله. زوَّجتك فلانة، ويقول الزوج مثل ذلك ثم يقول قبلت، وعلى هذا ينطبق قوله في الكتاب ثم يقول الزوج مثل ذلك بعد قوله (2) وعلى هذا ينطبق قوله وحسن أن يقول الولي إلى آخره، ثم هنا كلمتان:
إحداهما: قال الأئمة -رحمهم الله-: موضع الوجهين ما إذا لم يطل الذكر بينهما، فإنْ أَطَالَ قطعنا ببطلان العقد (3)، وكان يجوز أنْ يُقَالَ إذا كان الذّكْرُ مقدمة للقبول وَجَبَ ألا تضر إطالته؛ لأنها لا تشعر بالإِعراض.
والثانية: لو كان المتخلل كلاماً لا يتعلق بالعقد ولا يستحب فيه، فإيراد بعضهم يقتضي الجزم بالبطلان. وحكى الإِمَامُ وجهين فيه أيضاً:
وَجْهُ البُطْلاَنِ فيه أنَّ الكلامَ الأجنبي، وإن كان يسيراً فهو كالسُّكُوتِ الطويل ألَّا