كُفْءٍ، فاستأذنها فيشترط النُّطْقُ أم يكفي السكوت؟. فيه الوجهان (1):
وقوله في الكتاب: "ولا يفيد إلا تزويج العاقلة البالغة" معلم بالحاء لما ذكرنا أنه جوز للعم والأخ تزويج الصغيرة، وإنما قيد بـ"العاقلة" لأن الأَخَ ومن في معناه لما لا يزوجون الصغيرة ولا يزوجون المجنونة على المذهب كما سَيَأْتِي في الباب الثَّانِي إلاَّ أَنَّ الْفَصْلَ كُلَّهُ مَوْضُوعٌ في العواقل، ولو وجبت التقييد هاهنا لوجب في قوله من قبل "لا على الثَّيِّبِ وإن كانت صغيرة".
وفي قوله: "ولو التمست البكر البالغة التزويج"، فلا اختصاص لهذا بالموضع بالحاجة إلى التقييد.
فروع:
أحدها: لو قال: أزوجك من شخص فسكتت.
قال بعض المتأخرين: هذا لا يكون رضىً عند أبي حَنِيْفَةَ -رحمه الله- وهو بمذهبنا أَلْيَقُ؛ لأن الرضا بالمجهول لا يتصور عندنا ولك أَنْ تقول: هذا يخرج على أنه لا بُدّ في الإذن من تعيين الزَّوْجِ، وعلى الأَصَحِّ أنه لا حَاجَةَ إليه كما سيأتي، فلا يضر الْجَهْلُ بِهِ، ثَم لا يخفى أن التصوير مبني على الاكتفاء بالسكوت.
الثاني: إذا قال: أيجوز أنْ أزوجك؟ فقالت: لِمَ لاَ يَجُوزْ؟ أو قال: أتأذنين؟ فقالت: لم لا آذن؟. حكى بعضهم أنه لا يكون إذناً (2)، ولك أن تقول: ما ذكره الولي إن صلح مراجعة واستئذاناً فالَّذِي صدر منها يشعر بالإِذن والرضا، فإذا اكتفينا بالسكوت على الأظهر فأولى أن نكتفي بلفظ مشعر.
وَإِنْ قيل: إنه لا تصلح مراجعته استئذاناً، فهذا مما يأباه الطَّبْعُ وبتقدير أن يكون كذلك فالمعتبر أن يقول الْوَلِيُّ ائذني لي في تزويجك أو أزوجك من فلان فائذني لي ولو قال: أزوجك فقالت بالفارسية: "شايد" (3) وجب أن يكون إذناً، كما في "فتاوى القَفَّال" أنه لو قال: أنا أدفع الزكاة عنك فقالت بالفارسية: "شايد" يكون ذلك إذناً وتوكيلاً.
الثالث: لو قالت: وكلتك في تزويجي. فالذين لقيناهم من الأئمة لا يعتدون به