وذلك بأن يتبين فيها مَخَايَلُ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ، أو يشير أرباب الطِّبِّ بأن في تزويجها توقع الشفاء، أمَّا إِذَا لَمْ يَظْهَرْ وَأَرَادَ التَّزْوِيجَ لكفاية النفقة، أَوْ لمَصْلَحَةٍ أُخْرَى فَوَجْهَانِ:
أحدهما: أَنَّهُ يَجُوز كَمَا أنَّ الأَبَ يزوج بمجرد المصلحة.
وأصحهما: المنع؛ لأنَّ تزويجها يقع إجباراً وغير الأَبِ وَالْجَدِّ لا يملك الإِجبار أيضاً؛ لأن الإجبار إنما يُصَارُ إليه للحاجة النَّازِلَةِ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ حَتَّى قَالَ اْلإمَامُ: وكنت أَوَدُّ لو استنبط مستنبطِ من الخلاف في أن الثيب الصغيرة المجنونة هل يزوجها أبوها؟ أنه هل يكتفي بمجرد المصلحة كما في البالغة أم تعتبر الحاجة؟.
لكن اتفق الأصحاب على الاكتفاء بالمصلحة.
وقوله في الكتاب: "وَالْيَتِيمَةُ الْبَالِغَةُ الْمَجْنُونَةُ" لا يخفى أَنَّ الْمُرَادَ من اليتيمة التي لا أَبَ لَهَا ولا جَدَّ، لكن الجمع بين الوصف باليتم والبلوغ غير مستحسن مع ما اشتهر "أَنَّهُ لاَ يُتْمَ بَعْدَ حُلْمٍ" (1).
وقوله: "يزوجها السلطان" -معلم بالواو.
فَرْعٌ: البالغ المنقطع جنونه لا يجوز التزويج منه إلى أن يفيق فيأذن ويشترط وُقُوعَ الْعَقْدِ في وقت الإِفاقةِ، حَتَّى لو عاد الجنون قبل العقد لُغِيَ الإذن كما تُبْطلُ الوَكَالَةُ بالجنون، وكذلكَ الثَّيِّبُ المنقطع جنونها، وَالْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ بِمَرَضٍ أَصَابَهُ ينتظر إفاقته، فإن لم نتوقع الإِفاقة، فهو كالمجنون.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (وَأَمَّا السَّفِيهُ) فَلاَ يُجْبَر لأَنَّهُ بَالِغٌ وَلاَ يَسْتَقِلُّ لأَنَّهُ سَفِيهٌ لَكِنْ يَتَزَوَّجُ بِإذْنِ الوَلِيَّ بَعْدَ تَعَيْينِ الوَلَّي المَرْأَةَ، ثُمَّ يَتَقَيَّدُ بِمَهْرِ المِثِل، وَلَوْ قَدَّرَ الوَلِيُّ المَهْرَ وَزَادَ السَّفِيهُ سَقَطَتِ الزِّيَادَةُ وَصَحَّ العَقْدُ (و)، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنِ المَرْأَةَ صَحَّ الإِذْنُ فِي وَجْهٍ، ثُمَّ عَلَيْهِ أن يَنْكِحَ بِمَهْرِ المِثْل بِشَرْطِ (و) أَنْ لاَ يَنْكِحَ عَلَى خِلاَفِ المَصْلَحَةِ شَرِيفَةً يَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الرابع: السَّفِيْهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ لايستقل بالتزويج (2) لأن