وَجْهٍ، فَلَوْ وَجَدَ حُرَّةً فغَالَتْهُ في المَهْرِ بِمِقْدَار يُعَدُّ قَبُولُهُ إسْرَافاً نكَحَ الأَمَةَ (و)، وَللْمفْلِسِ نِكَاحُ الأَمَةِ، وَلَوْ وَجَدَ حُرَّةً تَرْضَى بِمَهْرٍ مُؤَجَّلٍ فَإنْ قَنِعَتْ بِدُونِ مَهْرِ المِثْلِ لَمْ يَنْكِح الأَمَةَ عَلَى الأَصَحِّ إِذ المِنَّةُ فِيهِ هَيَّنَةٌ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: القسم الثاني: مَمْلُوكَةُ الغَيْرِ، إِنَّمَا يَنْكحُهَا الْحُرُّ بِشُرُوطٍ:
أَحَدُهَا: إلاَّ تكون تحته حُرَّةٌ فإن كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ نَظِرَ؛ إنْ تَيَسَّرَ الاسْتِمْتَاعِ بِهَا، لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُ الأِمَةِ مُسْلِمَةً كَانَت الحُرَّةُ أو كِتَابيَّةً؛ لِمَا رُوِيَ أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "نَهَى أنْ تُنْكَحَ الأَمَة عَلَى الْحُرَّةِ" ويروى ذلك عَنْ عَلِيٍّ وَجَابِرٍ موْقوفاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- (1).
وَحَكَى الْقَاضِي ابْنُ كَجٍّ وَجْهَيْنِ في وُجُودِ الْحُرَّةِ الكتابية، هَل يُمْنَعُ نِكَاحُ الأَمَةِ؟.
وهما كالوجهين الآتيين في أنَّ الْقدْرَةَ عَلَى نِكَاحِ الكِتَابيَّةِ الْحُرَّةِ، هل يمنع نِكَاحَ الأمَةِ؟ وإن لم يتيسَّر الاستمتاع بها، كما إذا كانت صغيرةً أو هرمة أو غائبةً أو مَجنُونَةً أو مجذومة، أو بَرْصَاءَ، أَؤ رَتْقَاءَ، أَو مُضْنَاةً لا تتحمَّلُ الجماع فوجهان:
أَحَدُهِمَا: أَنه يصح نِكَاحُ الأَمَةِ؛ لأَنَّهُ لا غناء في الحُرَّةِ الَّتِي تَحْتَهُ، ولا استغناء بها، وَهَذَا أَصَحّ عند صاحب "الْمُهَذَّبِ" وبه أجاب ابنُ الصَّبَّاغِ وطائفة من العراقيين، واختَارُهُ الْقَاضِي حسين.
والثاني: المنع؛ لظاهر النَّهْي؛ ولأن نكاح الصَّغيرة والغائبة كنكاح البالغة والحاضرة في منع نكاح الأخت، فكذلك في مَنْع نِكَاح الأَمَةِ، وهذا هو المذكور في "الْكِتَاب" وفي "النَّهَايَةِ" "والتَّهْذِيبِ" وعلى هذا، فَلاَ يَصِحُّ نِكَاحُ الأَمَةِ، حَتَّى تُطلَّقُ الحُرَّةُ طَلاَقاً بَائِناً أو رَجْعيّاً، وَتَبِيْنَ مِنْهُ.
الثاني: ألاَّ يقدر على نِكَاحِ حُرَّةٍ، إما لأنه لا يوجد صداقها أو أنه لا يجد حُرَّةً ينكحها، فإن قدر لم يحلَّ له نكاح الإِماء، قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا