أَرجحُهما: عند الإِمام: الإِعراضُ، وإِنَّما يُفَرِّق، إذا رَضُوا بحكمنا.
وَوَجْهُ الثَّاني: أَنهم بالترافُع أَظْهَرُوا ما خالَفَ الملة، فأَشبه ما إِذا أَظْهَروا خمروهم. وإذا التمسوا من حاكِم المسلمين ابتداءَ نِكَاحٍ، أجَاب إِنْ كانتِ المرأةُ كتابيةً، ولم يكنْ لها وليٌّ كافرٌ، ولا يزوجّ إِلا بشهود مسلمين.
وعند أَبي حَنْيِفَة -رَحِمَهُ اللهُ- إِنْ كَانَ الْخَاطِبُ ذِمّيّاً، يجوز أن يعقد النكاح بشهادة أَهْلِ الذِّمَّةِ.
فَرْعٌ: من "التَّتِمَّةِ" لو لم يترافَع المجوسيُّ إِلينا، ولكن عَلِمْنا فيهم مَنْ نكح مَحْرَماً، فالصحيحُ، وبه أخذ أَبُو حَنِيْفَةَ أَنه لا يُتعرَّض له؛ لأَن الصحابة عَرَفُوا من حال المجوسيِّ أَنهم ينكحون المحارم، ولم ينقرضوا لهم.
وَحَكى الزُّبَيْرِيُّ قولاً: أَن الإمام، إِذا عَرَفَ ذلك، فَرَّقَ بينهما، كما لو عرف أَن المجُوسِيِّ نكح مسلمةً أو مرتدةً.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الثَّانِي فِي زَيادَةِ العَدَدِ الشَّرْعِيَّ) فَإِنْ أَسلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ اخْتَارَ أرْبَعاً (ح)، وَانْدَفَعَ نِكَاحُ البَاقِيَاتِ، وَلاَ مَهْرَ لَهُنَّ إِلاَّ عَلَى قَوْلِ التَّصْحِيحِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الفَصْلُ معقودٌ لِبيان الحُكْم فيما إِذا أَسْلَمَ الكافر، وتحْتَه عددٌ من النِّسَوَةِ لا يُجْمَع بينهن في الإِسلام، وفيه صور الأُوَلى: إذا أَسلم، وتحته أَكثر من أَربع نسوة، فأَسلَمْنَ معه، أَو تخلَّفْنَ، وهنَّ كتابياتٌ، اختار أَربَعاً منهن واندفع نكاح البواقي، ولو كنَّ مجوسياتٍ أَو وثنياتٍ، وهنَّ مدخولٌ بهن، فتخلَّفْنَ ثُمَّ أسلَمْنَ قبل انقضاء عِدَّتهن منْ وقْت إسلام الزَّوْج، فكذلك الْحُكْمُ، ولا فرق في ذلك كُلَّه بيْن ما إِذا نكَحَهُنَّ معاً، أو نكحَهُنَّ على الترتيب، إِذا نكحهن على التَّرتِيبِ، فله إِمساكُ الأُخريَاتِ، ومفارقة الأُوَلَيَاتِ، وبه قال مَالِكٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَأَحْمَدُ وقال أَبو حنيفة: إِذا نكحهنَّ معاً، بَطَلَ نكاحُهُنَّ جميعاً، وإِن نكحهُنَّ على التَّرتيب، تعيَّنَت الأُولياتُ.
ودليلنا (1) ما رُوِيَ أَنْ غَيْلاَنَ أَسْلَمَ وَتَحْتُهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَمْسِكْ أَرْبَعاً، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ" (2).
ورُوِيَ أَنَّ نُوفَلَ بنَ مُعَاويَةَ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ خَمْسُ نِسْوَةٍ فقال النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَارِقْ وَاحِدَةً وَأَمْسِكْ أَرْبَعاً" قَالَ: "فَعَمَدتُّ إِلَى أَقْدَمِهِنَّ فَفَارَقْتُهَا" (3) ولو أَسلم عَلى أَكثر من أَربع وهنَّ غيْرُ مدخولٍ بهن وأسلمت معه أَربعٌ تقرَّر نكاحهن، وأرْتَفَعَ