والثَّانِي: أنَّ القولَيْن جاريانِ أيضاً، فيما إِذَا اتَّضَحَ الْحَالُ بِعَلاَمَةٍ مَظْنُونَةٍ، فَإِنْ كَانَ مَقْطُوعاً بها كالولادَةِ، فَلاَ خِيَارَ.
والثالث: طرد القَوْلين، وإنْ كَانَتِ الْعَلاَمَةِ مَقْطُوعاً بها لمَعْنَى النُّفْرة، ولا يثبت الخيار بكَوْنِها عَقِيماً، ولا بكَوْنِهَا مُفْضَاةً، والإِفْضَاءُ: رَفْعُ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ ومحل مدخل الذَّكَرِ.
فَرْعَانِ:
الأولُ (1): إِذَا ظَهَرَ بكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوجَينِ عَيْبٌ (2) مِنَ الْعُيُوب المثبِتَة للخيار، فإن كَانَا من جنسَيْن، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ منْهما الخِيَارُ، إِلاَّ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مَجْبُوباً، والْمَرْأَةُ رَتْقَاءَ، فَهُمَا كالجِنْسِ الواحِدِ، كذلك ذَكَرَهُ الحَنَّاطِيُّ والشَّيخ أبُو حَامِدٍ وَالإِمَامُ.
وَحَكَى فِي "التَّهْذِيبِ" طَرِيقَةً أخرى قَاطِعَةً بأنَّهُ لا خيار؛ لأنه، وإنْ فَسَخَ، لا يصل إلَى مقصود الوطء، وقضيَّةُ إيرادِهِ ترجيحُ هذه الطريقة، وإنْ كَانَا من جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لاَ خِيَارَ لتساويهما.
وَأَصَحُّهِمَا: ثبُوتُ الْخِيَارِ لِكُلِّ وَاحِدٍ منْهما؛ لأنَّ الإِنْسَانَ يَعَافُ من غيره ما لاَ يُعَافُ من نَفْسِهِ، وهذا في غير الجنون (3) أمَّا إِذَا كَانَا مجنونَيْنِ، فَلاَ يمكن إثباتُ الخيارِ لِوَاحِدٍ منهما، ثم ليكن الوجْهَانِ، فيما إذا تَسَاوَى العَيْبَانِ في القَدْرِ والفُحْش، فإِنْ كَانَ في أَحَدِهِمَا أكْثَرَ أو أفْحَشَ، وجب أن يثبت الخيارُ للآخَرِ مِنْ غير خِلاَفٍ.
الثاني: لو نكَحَها، وهوَ عالِمٌ بعَيبِها، أو نَكَحَتْه، وَهِي عَالِمَةٌ بعَيبِهِ، فَلاَ خِيَارَ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى شيئاً، وهو عالم بعيب المبيع وَهَذَا في غير العُنَّة، وفي العُنَّة كَلاَمٌ سيأتِي من بَعْد، فَلَوِ ادَّعَى من بِهِ الْعَيْبُ عِلْمَ الآخر به، فأنكر فالمصدَّق المُنْكِر، بيمينه وفي "أمالي" أبي الفرج السَّرْخَسِيِّ وَجْهٌ، أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ هَذَا الاخْتِلاَفُ بعد الدُّخُول، فالقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ (4).