بِكُفْءٍ لها فَلاَ خيار لها؛ لأنه لم يُجْرَ شرط، والتقصير بينهما ومن الوليِّ، حيث لو بحثنا، وليس هذا كظنِّ السَّلاَمَةِ عن العُيُوب؛ لأن الظَّنَّ هناك يَنَّبني علَى أنَّ الغالِبَ السلامةُ، وههنا لا يمكن أن يقالَ: إِنَّ الغالِبَ كفاءةُ الخاطِب هَكَذَا أَطْلَقَ الْمَسْأَلَةَ صَاحِبُ "الكتاب" وينبغي أن يُفَصَّل، فيقال: إن كان فواتُ الكفَاءةِ الدناءة (1) نَسبَه أو حِرْفَتِهِ أَوْ لَفْسْقه، فالجواب: ما ذكرنا، وإن كان فَوَتُهَا لعيْبٍ، ثبت الخيار، وإِن كَانَ فواتُهَا لِرِقِّهِ، فليكن الحكمُ كما سنذكر على الأثر فيما إذا نَكَحَ امْرأةً على ظَنِّ أَنَّهَا حُرَّةٌ، فإذا هي رقيقةٌ، بل كانت المرأة أولَى بإثبات الخيارِ من جانب (2) الرَّجُلِ.
الثانية: نكح امرأةً عَلى ظَنِّ أنَّها حُرَّةٌ، فخرجَتْ أَمَةً، وهو مِمَّنْ يحلُّ له نكاح الإماء، فالنَّصُّ أنه لا خِيَارَ (3)، ولو نكح امرأةً علَى ظَنِّ أنَّهَا مُسْلِمَة، فخرجت كتابيةً، فالَنَّصُّ أنَّ لَهُ الخيار، وللأصحاب طريقان، منْهم من نَقَلَ وخَرَّج، وجَعَلَ الصورتَيْن على قَوْليْن:
أحَدُهُمَا: أنه يثبُت الخيارُ؛ لأنَّ الظاهِرَ في دَارِ الإسْلاَمِ الإسْلاَمُ وَالْحُرِّيَّةُ، فصار ذَلِكَ بمثابة المَشْرُوط.
وَالثَّانِي: أنَّهُ لاَ خِيَارَ في وَاحِدَةٍ من الصورتَيْنِ لِبُعْدِ النِّكَاح عَنِ الْخِيَارِ، وضَعْفِ تأثيرِ الظَّنِّ، ولهَذَا لَوِ اشتَرى عبداً عَلَى ظَنِّ أنه كاتبٌ، فلم يكن، فلا خيار له، وذكروا للقولين وراء هذا مأخذَيْن:
أَحَدُهُمَا: أنَّ الكَفْرَ والرِّقَّ هَل يلتحقان بالعُيُوب الخمسة أم لاَ؟.
وَجْهُ الالْتِحَاقِ أنَّ الْكُفْرَ يوجب النُّفْرة عن الاستمتاع، كما أنَّ الْبَرَصَ والجُذَامَ يورِثَانِهمَا، والرق يتعدَّى إلى الولَدِ تخفيفاً كما أن الْبَرَصَ والجُذَامَ يُخَاف منهما التعدِّي.
والثاني: أنَّ هذا الظَّنَّ يَنْشِأُ غَالِباً من فعْل وإبْهَامٍ صَادِرٍ من الوليِّ، أو من الزوْجَة، وإن لم يجر شَرْطٌ، فَهَلْ ينزل التغرير بالفعل (4) التغرير بالقول والاشتراط، وَجْهُ تنزيلِهِ منزلِتَه حصولُ التلبيس به ولهذا يثبت الخيارُ بالتصْرِيَةِ، كما يثبت بالخُلْفِ في الشَّرْطِ.