المسألة الثانية: إذَا كَانَ المغرورُ عَبْداً، وَقَدْ دَخَلَ بالمنكوحة، فحيث يَجِبُ المُسَمَّى يتعلَّق بكسبه؛ لأنه دَيْنٌ ثابتٌ في معاقدةٍ عَلَى ما يوجب إذْن السَّيِّدِ، ولوجوب المسمَّى تقريران:
أحدهما: أن نقول: الخلف في الشرْطِ لا يُفْسِدُ العقد، ولاَ يثبت الخيارَ للعَبْد.
والثاني: أنْ يثبت الخيار، ويجبر العَبْد.
والثالث (1) أن يفسخ، ونقول بالقول المخرَّج، وهو وجوب المسمَّى، وحيث يجب مَهْرُ المِثْلِ، فيتعلَّق برقبته بكسبه أو بذمَّته فيه ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ، ولوجُوب المَهْر تقديران:
أَحَدُهُمَا: أن يحكم بفساد العَقْد، والأقوالُ الثلاثةُ، والحالةُ هذه، مبنيةٌ على أنَّ إذْن السَّيِّدِ في النكاح يتناولُ الصَّحيحَ والفاسدَ منْه، أو يختصُ بالصحيح إنْ قلنا بالأول، فالمهر في كسبه، كما في النكاحِ الصحيحِ، وإِنْ قُلْنَا: يختص بالنِّكَاحِ الصَّحِيح، وَهُوَ الأصَحُّ، فَهَذَا نكاح بغير إذنُ السيِّد، جرى فيه دخولٌ، ومهْر المِثْلِ في مثل هذاَ النكاحِ يكونُ في ذمَّة العبد، أو يتعلَّق برقبته؟ فيه قولان:
أظهرهما: أوَّلُهما.
التقدير الثاني: أن يحكم بصحَّةِ العَقْدِ، وثبوتِ الخِيَار، ووجوب مَهْرِ المِثْلِ عنْد الفسخ، فإذا فسخ، ففي متعلَّق مهْرِ المثل الأَقْوال الثلاثَةُ: لأنَّا إذا أوجَبْنا مَهْرَ المِثْل أَلْحَقْنا النِّكَاح المفسوخ بسبب مقارن للعقد بالنكاح (2) الفاسد، وكان الشَّيخُ أبو مُحَمَّدٍ يُقَوِّي في هذا التصويرِ قَوْلَ التعليق بالكسب؛ لأنه مَهْرٌ واجبٌ في نكاحٍ صحيحٍ مأذونٍ فيه.
المسألة الثالثة: لا يُتصوَّر الغرور بالحرِّيَّة من السَّيِّدِ؛ لأنه إذا قال: هِيَ حُرَّةٌ وزوَّجها، أو قَالَ: زوَّجتها علَى أنها حُرَّةٌ عَتَقَتْ، وخرجَتَ الصورةُ عن أن يكون نكاحَ غُرُورِ، وإنما يُتصوَّر ذلك من وكيل السَّيِّدِ في التزويج، أو مِنَ المنكوحَةِ نَفْسِها، أو منْهما ولا عِبْرَةَ بقول من ليس بعاقد، ولا معقود (3) عليه.