فصل العيوب مفْرُوضان في الاستقلال دُون المرافعة، وإذا قُلْنَا: إِن لها أنْ تَفسَخ بنَفْسها، فَهَل يكْفِي لنفوذ الفَسْخ إقرارُ الزَّوْج، أم لا بدّ وأن يقول القاضي ثبتت العنة أو (1) يثبت حق الفسخ، فاختاري فيه وجهان:
أشبههما: الثاني، وهو الحكاية عن القاضي حسين ورأيتُ في "المجموع" لأبي الحُسَيْن بن القطَّان نقْلَ وجهَيْن فيما إذا قالَتِ: اخترتُ الفسخ، ولم يقُلِ الحاكمُ: نفَّذْتُه، ثم رجعَتْ، هل يصحُّ الرجوع، ويبطل الفسخ.
الأصح: المنع (2)، ويشبه أن يكون هذا الخلافُ مفرَّعاً على استقلالها بالفَسْخ، أما إذا فسَخَتْ بإذنه، كان الإذن السابقُ كالتنفيذ اللاَّحق؛ وإنَّما تحسب المدةُ، إذا لم تَعْتَزِل عَنْه، فإن اعتزلَتْ، لمَ تُحْسَب، قال في "المجموع" وكذلك مرَضُها وحبْسُها يمنع الاحتساب، ومرضه وحبْسُه لا يمنع، وكذلك حيْضُها وفي سَفَره وجهان:
أظهرهما: أنه لا يَمْنَع الاحتساب (3) أيضاً؛ لئلا يدافع بذلك، وإذا عرض ما يمنع الاحتساب في بعض السنة وزال، فالقياس أن يستأنف السنة، أو ينتظر مضيَّ ذلك الفصل من السنة الأُخْرَى، والله أعلم.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَهَذَا الفَسْخُ عَلَى الفَوْرِ، فَإِنْ رَضِيَتْ فَلاَ اعْتِرَاضَ لِلوَلِيِّ، وَلا رُجُوعَ لَهَا إلَى الفَسْخ بِخِلاَفِ الإِيَلاءِ، وَإِنْ فَسَخَتْ فِي أَثْنَاءِ المُدَّةِ لَمْ يَنْفُذْ، وَإِنْ أَجَازَتْ فَقَوْلاَنِ، وَلَوْ رَضِيَتْ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا لَمْ يَعُدْ حَقَّهَا، وَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا فَقَوْلاَنِ، وَلَوْ وَطِئَهَا في النِّكَاحِ الأَوَّلَ وَعُنَّ عَنْهَا في النِّكَاحِ الثَّانِي فَلَهَا الخِيَارُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: سبيل الفسْخ بالعُنَّة بعْد ثبوتها سبيلُ الفَسْخ بسائر العُيُوب، والظاهر: أنَّه على الفَوْر، ويجيء فيه الطريقةُ المذكورةُ في الفسخ بسائِرِ العيوب، وقوله: "فإن رَضِيَتْ فَلاَ اعتراض للولي" مكرَّر، وقد ذكره مرةً في فصْل العيوب، ويجوز أن يُعْلَم