زوجتَهُ، فصارت أمَّ زوجته، فيجب علَى الابن تجديدُ الإعفاف، كما لو دفَع إلَيْه النفقةَ، فسُرِقَتْ منه، حكى الشيخ أبو حامد وجهاً آخر: أنه لاَ يجب؛ لأنَّ النكاح عقد عمر، وإذا تحمَّل مؤنته مرةً، فقد حافَظَ على حرمة الأبوة، فنقنع منه بذلك، والظَّاهر (1) الأولُ، وإذا قلنا به: فلو طلَّقها أو خَالَعها أو عتق الأمة، نظر؛ إن كان بعُذْر من شقاقٍ أو نشوزٍ أو غيرهما، ففيه وجهان:
أظهرهما: وهو المذكور في "التهذيب": أنه يجب التجديد، كما في المَوْت، وإِذا كان بغير (2)، عذر لم يجب؛ لأنه المقصِّر والمفوِّت على نفسه.
وفي "التتمة" وجه آخر: أنه إذا طَلَّقَ، فعليه أن يزوِّجه مرَّة أخرَى، أو يسريه، فلو طلَّق الثانية، لم يزوِّجه بعد ذلك، ولكنْ يسرِّيه، ويسأل الحاكم أن يحجر عليه، حتَّى لا ينفذ إِعتاقه بعد ذلك، وإذا وجَب التجديد، فإن كانت بائنه فعليه التجديد في الحال، وإنْ كانتْ رجعيَّةً، لم يجبْ إلا بعْد إنقضاء العدَّة.
فَرْعٌ: إن قلنا: لا يجبُ الإِعفافُ، فللأبِ المحتاجِ أن ينْكِحَ أمة، وإن أوجَبْناه، فوجهان:
أحدهما: نعم؛ لأنه غيْرُ مستطيعِ للطَّول خائفٌ من العَنَت.
وأصحهما: المنع؛ لأنه مستغنٍ بمال ولده عن نكاح الأمة، فإن قلْنا بالأول، حَصل الإِعفاف بأن نزوِّجه أمةً.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَيْسَ لِلأَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ جَارِيَةَ الابْنِ، فَإنْ مَلَكَ الابْنُ زَوْجَتَهُ لَمْ يَنْفَسِخِ النِّكَاحُ مَا لَمْ يَحْصُلْ لِلأَب وَلَدٌ فِي مِلْكِ الابْنِ، وَلاَ يَتَزَّوَجُ جَارِيَةَ نَفْسِهِ، وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَلاَ يَتَزَّوجُ جَارِية مُكَاتَبَة، وَلَوْ مَلَكَ الْمُكَاتِبُ زَوْجَة سَيِّدِهِ فَفِي الانْفِسَاخِ وَجْهَانِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: المسألةُ الثانيةُ الحكايةُ عن نصِّه في كتاب "الدَّعَاوَى": أنه لا يجوز للأب أن يتزوَّج بجارية ابنه، ونقل المزنيُّ في "المختصر" جوازه، وهو قول أبي حنيفة، وعن أَبِي إِسْحَاقَ أن ابن سُرَيْج قَالَ: وجدتُّ الشافعيِّ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- ما نقله المزنيُّ، والأصحابُ اختلفوا على طريقين في المسألة:
أحدهما: إثبات قولَيْن فيها مبنيَّة على القولَيْن في وجوب الإِعفاف، إن لم نوجبْه،