قَالَ الرَّافِعِيُّ: الشرط في النِّكَاحِ إن لم يَتَعلَّقُ به غَرَضٌ، فهو لَغْوٌ مَحْضٌ على ما مر في البيع فإن تعلق به غرض، فإما ألا يُخَالِفَ مُوجِبَ النِّكَاحِ، فلا يُؤَثِّرُ ذِكْرُهُ في النكاح، ولا في الصَّدَاقِ، وهو كما إذا شرط أن يُقْسِمَ لها، أوَ أن يُنْفِقَ عليها، أو يَتَسَّرى أو يَتَزوَّجَ عليها إن شاء، أو يُسافِر بها أو لا تَخْرُجَ إلا بِإِذْنِهِ وإما أن يخالف موجبه، فهو على ضربين:
أحدهما: ما لا يُخِلُّ بالمَقْصُودِ الأصلي من النكاح، فيفسد الشَّرْطُ سَوَاءٍ كان لها، كما إذا شرط ألا يَتَزَوَّجَ عليها، أو لا يَتَسَرَّى، أو لا يُطَلِّقَهَا، أو لا يُسَافِرَ بها، أو تخرج متى شَاءَتْ، أو يُطَلِّقَ ضَرَّاتِهَا، أو كان عليها كما إذا شَرَطَ ألا يقسم لها، أو يجمع بين ضَرَّاتِهَا وبينها من المَسْكَنِ، أو لا ينفق عليها.
وقال أبو حنيفة وأحمد: إذا شَرَطَ ما يَنْفَعُها صَحَّ الشَّرْطُ، فإن لم يَفِ، فلها الخِيَارُ، واحتج الأصحاب بما روي أنه -صَلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "كُلُّ شَرْطٍ ليس في كتاب الله فهو بَاطِلٌ" ثم فَسَادُ الشَّرْطِ لا يؤثر في النكاح؛ لأن فَسَادَ العِوَضِ لا يؤثر فيه، ففساد الشرط أَوْلَى، هذا هو الصحيح.
وحكى الحناطى وَجْهاً آخر، وقَوْلاً أنه يَبْطُلُ النِّكَاحُ، وسيجيء من بعد ما يُوافِقُهُ، وأما الصَّدَاقُ فإنه يَتأَثَّرُ بالشرط الفاسد، ويكون الواجب مَهْرَ المِثْلِ؛ لأنه إن كان الشَّرْطُ لها، فإنما رَضِيَتْ بالمُسَمَّى مع ذلك الرفق وإن كان عليها، وإنما رضي الزَّوْجُ بَبَدَلِ المُسَمَّى ليحصل له ذلك الرِّفْقُ مع البُضْعِ، فإذا فسد الشرط، وليس له قِيمَةُ يرجع إليها، وَجَبَ الرجوع إلى مَهْرِ المِثْلِ، ولا فَرْقَ بين يَزيدَ على مَهْرِ المِثْلِ، أو ينقص أو لا يزيد ولا يَنْقُص.
وعن ابن خَيْرانَ أنه إن زادَ، والشرط لها، فالوَاجِبُ المْسَمَّى؛ لأنه قد رَضِيَ بِبَدَلِهِ، مع المُسَامَحَةِ بترك حَق، فإذا لم تلزم المُسَامَحَةُ كان أَوْلَى بالرِّضَا، وكذلك إن نَقَصَ، والشرط عليها (1)؛ لأنها قد رَضِيَتْ بذلك القَدْرِ مع تَرْكِ حَقٍّ لها، فدونه أَوْلَى.
ومنهم من جَعَلَ هذا قَوْلاً مُخَرَّجاً، وفي كتاب الحناطِيِّ وَجْهٌ مطلق أن الوَاجِبَ في صُورَةِ الشرط لفاسد أَقَلُّ الأمرين من المْسَمَّى، ومَهْرِ المِثْلِ، ووجه آخر أن الشَّرْطَ لا يُؤَثِّرُ في الصَّدَاقِ، كم لا يُؤَثِّرُ في النَّكَاحِ.