والضرب الثاني: ما يُخِلَّ بمقصود النِّكَاحِ، كما لو نَكَحَهَا بِشَرْطِ أن يُطَلِّقَهَا، أو بشرط ألا يَطَأَهَا، والكلام في الصُّورَتَيْنِ قد مَرَّ في فَصْلِ التحليل، فإن صَحَّحْنا النِّكَاحَ أَثَّرَ الشرط في الصَّدَاقِ، كسائر الشُّرُوطِ الفاسدة.
وقوله في الكتاب: "ولا يَفْسَدُ النِّكَاحُ" يجوز إِعْلاَمُهُ بالواو.
وقوله: "كشرطه ألا يَتَسَّرَى عليها، أو لا يمنعها من الخُرُوجِ" الشرط في هاتَيْنِ الصورتين لها. وقوله: "أو يجمع بينها وبين ضَرَّاتِهَا في مَسْكَنٍ واحد، أو لا يقسم لها" الشرط في هاتين الصورتين عليها، فتعرض لكل واحد من الطَّرَفَيْنِ.
وقوله: "إلا على وَجْهٍ بَعِيدٍ" يعني في المسألتين شرط الطَّلاَق، وشرط ترك الوَطْءِ, والخِلاَفُ في مسألة الطَّلاَقِ مَشْهُورٌ بالقولين، دون الوجهين، على ما ذكرنا هناك، والقول بالتَّصْحِيحِ في شَرْطِ الطَّلاَقِ بَعِيدً، كما ذكرنا، وأما في مسألة تَرْكِ الوَطْءِ, فالأظهر عند الأَصْحَابِ الفَرْقُ بين أن يَشْتَرِطَ الزَّوْجُ، وبين أن تشترط الزَّوْجَةُ، فيرجع الخِلاَفُ في المسألة، ويجوز أن يُعَلَّمَ لذلك قوله: "إلا على وَجْهٍ بَعِيدٍ" بالواو، وأيضًا فقد تَقَدَّمَ أن في شَرْطِ الطَّلاَقِ طريقة أخرى قاطِعَةٌ بِبُطْلاَنِ النكاح، ويجوز إعْلاَمُ قوله: "فسد الصَّدَاقُ" بالواو أيضاً، وقوله: "لأن المَشْرُوطَ كالعِوَضِ المُضَافِ إلى الصداق" هذه اللَّفَظَةُ إنما تَنْطَبِقُ على أحد الطرفين، وهو أن يكون المَشْرُوطُ شَيْئاً يَنْفَعُها، دون ما إذا كان المشروط مما يَضُرُّها.
"
فروع"
لو نَكَحَها على أَلْفٍ إن لم يُخْرِجْهَا عن البَلَدِ، وعلى ألفين إن أخرجها عن البلد، فالصَّداقُ فَاسِدٌ، أخرجها أو لم يخرجها، والواجب مَهْرُ المِثْلِ.
وعن أبي حنيفة إنْ وَفَّى بالمَشْرُوطِ، فالواجب المُسَمَّى، وإلا فَمَهْرُ المثل، وأَوْرَدَ الحناطي أنه لو نَكَحَهَا على ألا يَرِثَ منها، أو لا تَرِثَ منه، أو لا يَتَوارَثانِ، أو على أن النَّفَقَةَ على غَيْرِ الزوج، يبطل النِّكَاحُ، وفي قول: يَصِحُّ النكاح، ويبطل الشرط (1) وأنه لو زَوَّجَ أَمَتَهُ من عَبْدِ غيره، بشرط ألاَّ يكون الأولاد بين السَّيِّدَيْنِ، يصح النِّكَاحُ، ويبطل الشرط، ذكره في "الإِملاء". وفي قول: "يبطل النِّكَاحُ".