فقضية ما في "التهذيب" أنَّه يتعيَّن الطلاق، ولا يفصل وملخص ما ذكره الإِمام على طُولِه أَنَّ ذلك لا يمنع صرْفه بالنية إلى التحريم الموجب للكفارة، كما أنَّا وإن جعلْناه صريحاً في الكفارة عنْد الإِطلاق، يجوز صرفه بالنية إلى الطلاق وأنَّه إذا أطلق، وفرَّعنا على أنَّه صريح في الكفَّارة، ينبني على أن الصرائح تؤخذ من الشيوع والاستفاضة فحسب، ومنه ومن ورود القرآن والشريعة به فإن قُلْنَا بالأوَّل، فلا يُفْرَض له ازدحام، ويتعين الحَمْل على ما هو أغْلَبُ في الاستعمال، وإن قُلْنا بالثاني، فيثبت الطلاق، لقوته أو يتدافعان ويتعارض؛ فيه رأيان.
ولو قال لأَمَتِه: أنْتِ عليَّ حرامٌ أو حرَّمْتُك، فإنْ نَوَى به العِتْق، فهُو عتْق، وإن نوى به الطَّلاق أو الظهار، فلا مَجَال له في الأَمة، فيلغو قال في "الشامل": وعنْدي أن نية الظِّهَار كَنيَّة التحريم؛ لأن معْنَى نيَّة الظهار أن ينوي أنها كظَهْر أمِّه في التحريم، وهذا نية التحريم بصفة مؤكدة، دمان نوى تحريم عيْنها لم تُحرم، وعليه كفَّارة يمين، كما ذَكْرنا في الزوجة، وإن أطْلَقَ ولم ينْو فطريقان:
أصحهما: أنه على القولين المذكورين فيما إذا خاطب به زوجته.
والثاني: القَطْع بوجوب الكفَّارة؛ لأن تحريم الأمة هو الأصْل في ورود الآية، ويَحْصُلُ من الطريقين، إذا قيل: خاطب زوجته وأمته، بقوله: أنْتِ عليَّ حرامٌ، ولم ينوِ شيئاً، ثلاثةُ أقوال أو ثلاثةُ أوجُهٍ، كما في الكتاب:
أظهرها: الوجوب.
وثانيها: يلغو.
وثالثها: الفرق بين الزوجة والأَمَة.
ولو قال ذلك لأمته الَّتي هي أخْته، ونوى تحريم عَيْنها، أو لم ينوِ شيئاً، لم تلزمْه الكفارة؛ لأنَّه صَدَق في وصفها، وإنما أوجب الشرع الكفَّارة إذا خالف حُكْمه، ووصف الحلال بالحرمة ولو كانت الأمة معتدَّةَ أو مرتدَّة أو مزوجة أو مجوسيةً، أو كانت الزوجة معتدَّة عن الشبهة، أو محرمة، فوجهان:
أحدهما: أن الجواب كذلك لأنها محرمة عليه في الحال.
والثاني: تجب الكفارة؛ لأنَّها محَلُّ الاستباحة بخلاف الأخْتِ، وصار كما لو كانَتْ حائضاً أو نُفَساء أو صائمة. وطرد الحناطيُّ الخلاف في هؤلاء. والظاهر الأَوَّل، فإنَّها عوارض سريعةُ الزوال، ولو خاطب الرجعية به، لم يلزمْه شيْءٌ.
فرع: قال هذا الثوب، أو العبد، أو الطعام حرام عليّ لم يلزمه شيء، ولو قال: هذا الثوب أو العبد أو الطعام حرام فليس فيه كفارة، وليست الأَمْوال كالأَبضاع؛