لأنَّه لم يقل (زن خويشتن) (1) وأنه لو كان تحت رجل امرأتان: إحداهما فاطمة بنْتُ محمَّد، والأخرى فاطمة بنت (2) رجُل سماه أبواه محمَّداً أيضاً، إلاَّ أنه اشتهر في الناس بالحُسَيْن، وبه يدعونه فقال الزوج زوجتي فاطمة بنت محمَّد طالق. وقال أردت بنت الذي يدعونه الحسين، قال جدي: يُقْبَل قوله؛ لأن العبرة بالاسم الذي سمَّاه به أبواه دون سائر الناس، وقد يكون للرَّجُل اسمان وأكثر، وقيل: العبرة بالاسم الذي اشتهر به في الناس؛ لأنه أبلغُ في التعريف، وأنه لو قال: امرأتي هذه محرَّمة عليَّ، لا تحلُّ لي أبداً.
قال جدي لا تطلق؛ لأن التحريم قد يكون بغير الطلاق وقد يظن التحريم المؤبَّد باليمين على إلاَّ يجامِعَها، وقيل: يُحْكَم عليه بالبينونة بمقتضى هذا اللفظ، وأنه إذا قيل لرجل اسمه زَيْد؛ يا زيْد، فقال: امرأة زيْدٍ طالقٌ، قال جدي: يقع الطلاق على امرأته، وقيل: لا يقع، حتى يريد نفسه؛ لجواز أن يريد زيْداً آخَرَ، وليجيء هذا الوجه فيما إذا قال: فاطمةُ طالقٌ، واسم زوجته فاطمةٌ، ويشبه أن يكون هذا هو الأظْهَرَ؛ ليكون قاصداً إيقاع الطلاق على زوجته، وأنَّه إذا قيل لرجُل: طلقْتَ امرأتَكَ، فقال: اعلمْ أن الأمر على ما تقوله، حكى جدي وجهيْنِ؛ في أنه هَلْ يكون هذا إقراراً بالطَّلاَق؟.
أصحُّهما: أنَّه لا يكون إقراراً؛ لأنه أمره بأن يعلم، ولم يحْصُل هذا العلم، وأنها (3) إذا كانت تدَّعي على زوجها أنه طلَّقها ثلاثاً، وهو منُكِرٌ، ثم قال لفقيه: اكتب لها ثلاثاً، قال جدي: يحتمل أن يُقَال: لا تكون كناية؛ لأن الكتابة فعل الكاتب، ولم يفوض الزوج الطلاق، حتَّى يقع ما صدر منه، ويحتمل أن يجْعَل كناية؛ ويكون التقدير اكتب ثلاثاً، فإني قد طلقتها ثلاثاً، وأنه لو قال: امرأتي الَّتي في هذا الدَّار طالقٌ، ولم تكن فيها، لا يقع الطلاقُ، وأنَّه لو قال (سه طلاق) (4) (توسه بارداذم) (5) أو قال: رددتُّ عليْكِ الطلقات الثلاثةَ، ونوى، وقَعَ الطلاق؛ لأنَّه استفادها من النِّكَاح الذي رضيت به، وأنه لو قال: أنتِ امرأتي، كانَتْ طالقاً أو قال (زن من هشته باد) (6) فلا طلاق؛ لأنه ثمن أو دعاء وأنَّه لو قال امرأته طالِقٌ، وعَنَى نفسه، قال جدي: يُحْتَمَل أن يقال: لا يقع الطَّلاَق؛ لأن هذه العبارة تصلُحُ (7) لنفسه، ويُحْتَمَل أن يقال: يقع؛ لأن الإِنسان قد يعبِّر بغيره عن نفسه، وأنَّه إذا قال لابنه قل لأمِّك: أنتِ طالقٌ، قال جَدِّي: إِن أَراد التوكيلَ، فإذا قال الابن لها