بكلام، كذلك الرَّجْعَة، وعبَّر بعضهم بالخِلاَف من الوجهين لمكان التخريج، هذه هي الطريقة الظَّاهِرَة، ووراءها طريقان:
إحداها: القطع بوقوع الطلاق.
والثانيةُ: عن أبي إسْحَاق؛ القَطْع بعَدَم الوقوع، حكاه الحناطي.
وإذا قلنا بطريق القولين، ففي موضعهما ثلاث طُرُق:
أحدها: أن الخلاف في حقِّ الغائب، فأما الحاضر الخامس فكنايته لَغْوٌ؛ للعادة الغالبة بالمكاتبة في الغَيْبة، وفي الحُضُور لا حاجة إلى الكتاب.
والثاني: أن الخلاف في حقِّ الحاضر، أما الغائب فكتابته كنايةٌ لا محالَةَ، وأظهرهما طرد الخلاف فيهما؛ لأن الحاضر أيضاً قد يَكْتُبُ إلى الحاضر لئلا يطَّلع عليه سائر الحاضرين، أو لاستحيائه عن المُخَاطبة وغيرها، والغائب عن المجلس عن البَلَد سواء فيما نَحْن فيه، وإذا اختصرت هذه الاختلافات خرج منها المختصر ثلاثة أقوال أو أوجه.
الثالث: أن الكتابة كنايةٌ في حق الغائب دون الحاضر، كما ذكر في الكتاب.
وليعلَّم قولُه "لَيْسَ بِصَرِيح" بالألف والواو، وقوله: "لَغْو" بالحاء والميم والألف والزاي لأنَّ الكتابة عندهم جميعاً كنايةٌ، وكذا قوله "مِنَ الحَاضِرِ لَغْوٌ" والخلاف المذكور في أن الطَّلاق هل يقع بالكتابة جارٍ في سائر التصرُّفات التي لا تحتاج إلى القَبُول؛ كالإِعتاق، والإِبراء، والعفو عن القصاص وغيرها, ولا فَرْق، أمَّا ما يحتاج إلى القَبُول فينقسم إلى نِكَاح، وغيره، أما غيْر النكاح؛ كالبيع، والإِجارة، والهبة، ففي انعقادها بالكتابة خَلافٌ يترتَّب على الخلاف في الطلاق وما في معناه، إن لم نعتبر الكتابة هناك، فهاهنا أولى، وإن اعتبرناها، فهاهنا وجْهان؛ للخلاف في انعقاد هذِهِ التصرفات بالكناية وأيضاً فإن القَبُول شرطٌ فيها وإنه يتأخر عن الإيجاب، والأشبه الانعقاد، ومن قال به جعَل تَمَام الإِيجاب بورود الكتاب؛ حتى يشترط اتصال القَبُول به.
وفي وجه: لا يُشْتَرط ذلك، ويراعى التواصل اللائق بين الكتابين، وقد أشرْنا إلى ذلك كلِّه في أول "البَيْع" وحكينا عن بعض المسودات أن المشتري لو أجاب بالقَوْل، كان ذلك أقوى من أن يَكْتُبَ، وهذا ذكره الإِمام، وأما النِّكاح، فالخلاف فيه يترتَّب على الخلاف في البيع وسائر ما يفتقر إلى القبول من وجهين:
أحدهما: اختصاص النِّكاح بمزيد الاحتياط والتضييق وكذلك (1) وقع الخلاف في انعقاده بالترجمة.