أحدهما: يقع؛ لوصول الكتاب.
وأصحهما: وهو المذكور في "التَّهْذِيب" المَنْع؛ لأنه لم يبلع جميع الكتاب، ولا ما هو المقصود الأصلي منْه.
وفيه وجه ثالث: وهو أنَّه إذا قال: إذا جاءك كتابي هذا أو إذا جاءك الكتاب، لم يَقَع, لأنَّه لم يجئْها جميعُهُ وإن قال: إذا جاءك كتابي يقع، لأنَّه قد جاءها كتابه.
والثانى: موْضِع سائر مقاصد الكتاب، ومنْه ما يَعْتذِر به عن الطَّلاَق، وما يوبخها عليه من الأفْعَال الملجئة إلى الطلاق، فإذا كان الخَلَل فيه بالتخرق والانمحاء، وبقي موضع الطلاق وغيْره، ففيه الأوجه الثلاثة، وهذه الصورة أَوْلَى بالوقوع، وبه قال أبو إسحاق؛ لوصول الطَّلاَق إليها، وهو المقصود الأصلي من الكتاب، ويحسن أن يعتمد على الوجه الثالث في الصورتين جميعاً.
والثالث: موضع السوابق واللواحق التي ثبتت في المكاتبات خطًّا للأدب؛ كالتسمية، والصدر في أول الكتاب، والحمد، والصلاة في آخره، فإذا كان الخَلَل فيه، والمقاصد باقيةٌ، ففيه الخلاف، وهذه الصورة أَوْلَى بالوقوع، وهو الأظهر على ما ذكر الإِمام قال: وكنْت أُحِبُّ أن يفرق في هذه الصور الثلاث بيْن أن يَبْقَى مُعْظَم الكتاب أو يختل فإن للمعظم أثراً ظاهراً في بقاء الاسم وزواله (1).
والرابع: الحواشي والبَيَاض في أول الكتاب وآخره، فظاهر المَذْهَب أنَّه لا عبرة بزوالها؛ لأن الكتاب، هو المكتوب وقد بَقِيَ كلُّه، فيقع الطلاق بوصوله، فلا يجيْء فيه الخلاف، وهذا ما حكاه القاضي أبو الطَّيِّب عن الماسرجسي، ومنهم من أثبت فيه الخلاف، وقال: الحواشي والبياض من أجزاء الكتاب، ولذلك يَحْرُم على المُحْدِث مسهما من المُصْحَف، كما يحرم موضع الكتاب.
وقوله في الكتاب: "وَقَدِ انْمَحَى جَمِيعُ الأَسْطُرِ" يعني الانمحاء الكلِّيِّ؛ بحيث زال الأثر وتعذرت القراءة، ويجوز أن يعلَّم بالواو؛ لأنه رُوِيَ عن صاحب "التقريب" وجه: أنَّه يقع الطلاق إذ يقال أتاني كتاب فلان وقت المجيء، وقوله "وإن لم ينمح ينمح إلاَّ أسطر الطلاق" هو الصورة الأولَى من الصور الأربع، وقوله: "فإن لَمْ ينمح إلاَّ الصَّدْرُ والتَّسْمِيَةُ" هو الصورة الثالثة، ولم يتعرَّض في اللفظ للصورة الثانية وقوله "وإن انمحى الجميعُ إلا أسطر الطلاق" فأَوْلَى بأن يقع يعني من الصورة الأُولَى، وهو ما إذا لم تنمح