النَّاوي، نفى أو أثبت، لأنَّه أعْرَفُ بما في ضميره، ولا يُمْكن إقامة البينة عليْه، وعن الإِصطخري -رحمه الله-: أنَّها إذا قالت: نَوَيْتُ، وقال الزوج: ما نَوَيْت، فالقول قَوْل الزوج؛ لأنَّ الأصْل بقاء النِّكَاح، والظاهر الأول، ولو اختلفا في أصْل التخيير، وأنْكَره الزَّوْج، أو قال: خيرتك فلم تختاري في وقت الاختيار فالقول قَوْله؛ لأن الأصْل عدَمُ المدَّعي، وبقاء النكاح، وإقامة البينة على المدَّعي مُمْكِنة.
ذكر القاضي ابن كج أنه لو جَعَل أمرها إلى وكيل، فقال لها الوكيل: أمْرُكِ بيدك، وقال نَوَيْتُ الطَّلاق، وصدَّقَتْه المرأة وكذَّبه الزوج، فالقَوْل قول الوكيل على المَذْهَب؛ لأن الزَّوْج قد ائتمنه، وفيه وجْه أن القوْل قول الزوج؛ لأن الأصْل بقَاءُ النِّكَاح، ولو تَوافَق الزوجان على تَكْذيبه، لم يُقْبَل قوْل الوكيل علَيْها، والقَوْل في اشتراط الفَوْر منها في التفْويض بالكنايات على ما ذَكْرنا في التفويض بالصريح، ووراءها ذكَرْنَا صُوَرٌ تتعلَّق بالتخيير.
ولو قال لزوجته: اختَارِي من ثلاثِ طلقات ما شئْتِ أو طلِّقي نفْسَك من ثلاثٍ ما شِئْت، فلها أن تُطلِّق نفْسها واحدةً أو اثنتين، ولا تملك إيقاع الثلاث لأن "مِنْ" للتبعيض.
ولو خير صبية، فاختَارَتْ، لم يقَع الطلاق، ولم يعتبر اختيارها.
وفي "التتمة" أنَّه لو قال لزوجته ثلاث مرات: اختاري، وقال: أردتُّ واحدةً، لم يقع إلا واحدة، خلافاً لأبي حنيفة -رحمه الله- وذكر إسماعيل البوشنجي؛ أنه إذا قَال لها: اختاري، ققالت: اخترتُ الأولى، والوسطى؛ فالقياس أنه تقع واحدة، وعن أبي حَنِيفة -رحمه الله- أنَّه يقع الثَّلاث.
وأنَّه لو قال: اختاري نفْسَكِ أو طلِّقي نفْسَك، فقالت: اخترت أو أطْلَق، فمطلقة، للاستقبال فلا يقع به شيء في الحال، وإن قال: أردتُّ الإِنشاء وقع (1).
أنَّه لو خيَّرها، وهي لا تَشْعر، فاختارت نفسها، اتفاقاً فيخرج على ما لَوْ باع مَالَ أبيه على ظَنِّ أنَّه حَيٌّ، فإذا هو ميِّت، والطَّلاق أَوْلَى بالنفوذ.
وأنَّه إذا قال لغَيْره: أمرُ امرأتي بيد الله، وبيدك، روجع فيه، فإن قال: أردتُّ أنه لا يستقلُّ بالطلاق، قُبلَ قوله: ولم يكن له أن يطلِّق، وإن قال: أردتُّ أن الأمور كلِّها بيد الله -تعالى- والذي أثبته لي جعّلْتُه في يَدِك، قُبِلَ، واستقل ذلك الرَّجُل، ولو قَالَ: كل أَمْرٍ لي علَيْكِ قَدْ جعلته بيدك، فالَّذي عندي أن هذا لَيْس بتفويض، صريح وليْس لها أن تُطلِّق نفسها ثلاثاً ما لم يَنْوِ الثلاث، وعن أبي حنيفة -رحمه الله- وأصْحَابه خلافُه،