نكَحَتْ زوجاً آخر؛ لأن حقها ثَبَت في ماله، فلا يسقط نكاحُها، كالمهر، والنفقة.
وعن أحمد -رحمه الله- روايتان كالقولين الأَوَّلَيْن، ولو جَرَى ذلك قبْل الدخول، فعَلَى القَوْل الأول: لا تَرِث؛ لأنَّه لا عِدَّة، ويجري فيه القولان الآخران.
وإن أبان في مَرَضه أربَعَ نسوة، ونكح مكانهن أربعاً، ثم مات فلمن يكون الميراث؟! فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: وبه قال مالك -رحمه الله-: للمطلَّقات؛ لتقدم حَقِّهن.
والثاني: للجديدات؛ لأنَّ لهنَّ حقيقةَ النكاح، بخلاف المطلَّقات.
وأظهرها: أنَّه للصنفين جميعاً.
قال الإِمام -قدَّس الله روحه-: ومنشأ التردُّد ما في توريث الزيادة على العَدَد الشرعي من الاستبعاد، أما لو أبان امرأةً، ونكح أخرى، فلا وجْه إلاَّ توريثهما, ولو أبان واحدة ونكح أربعاً أو بالعكس جَرَى الخلاف، وإنما ترث المبتوتة على القول القديم إذا طلقها لا بسؤالها، أمَّا إذا طلَّقها بسؤالها أو اختلاعها أو قال: أنتِ طالقٌ إن شئْتِ، فقالت: شِئْتُ، فلا ترثه، ولا يكون الزَّوْج فاراً، وبه قال أبو حنيفة.
وقال ابن أبي هريرة: إنها ترث وإن طلقها بسؤالها لأنَّ الطَّلاق، في قصة عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- كان بسؤالها، وبه قال مالك: وكذلك أحمد في إحدى الروايتين ولو سألت الطَّلاق، ولم يجبْها في الحال، ثم طلَّقَها، فهو فارٌّ وكذا لو سألت طلاقاً رجعياً، فطلقها ثلاثاً، كان فاراً، ولو علَّق طلاقها بصفة نُظِرَ؛ إن علَّق بمضي مدة أو بفعل نفْسِه أو بفعل أجنبيُّ، كان فارّاً، وفي التعليق بفِعْل الأجنبي وجْه أنه لا يكون فارًّا، وإن علَّق بفعلٍ من أفعالها نِظَر؛ إن لم يكُنْ لها منْه بُدٌّ، كالنوم، والقيام، والقعود والطهارة، والأكل، والشرب، والصوم، والصلاة المفروضين، فهو (1) فارٌّ، وإن كان لَهَا منه بُدٌّ، فهو فارٌّ، وإذا لم تعْلَم بالتعليق وإلا فلا، فهُو كالتعليق بفِعْل الأجنبي، وبكون فارًّا.
ولو علِمَتْ ثم نَسِيَت، ففيه احتمالان للإِمام -رحمه الله-، قال: والأشبه أنَّه فارٌّ.
وإن علَّق طلاقها في الصحة بصفة لا تُوجَدُ إلاَّ في المَرَض، كما إذا قال: إذا مَرِضْت مرض المَوْت، أو وقعت في النزع، فأنْتِ طالقٌ، فهُو طلاقُ فارٍّ، فإن احتمل