ولو قال: أنت طالقٌ طالقٌ، فعن القاضي الحُسَيْن القطْع بأنه لا يقَع عنْد الإِطلاق إلاَّ طلقةٌ؛ بخلاف قوْلِهِ: أنتِ طالقٌ أنتِ طالقٌ، وادَّعى أن مراده "كلمة أنت" يُشْعِر بالاستئناف؛ فلذلك حَكَمْنَا بوقوع طلْقتين في قوْلٍ، والجمهور على أنَّه لا فَرْق بيْن اللفظين، ولو كرَّر اللفظة ثلاثاً، وأراد بالأخريين تأكيد المرة الأولى، لم تَقَع إلاَّ واحدة (1)، وإن أراد الاسْتِئْنَاف فتقع ثلاثُ طلقات، وإن أطلق، فعلى القَوْلَين؛ الأصح وقوع الثلاث.
ولو قال قصدتُّ بالثانية الاستئنافَ، وبالثالثة تأكيد الثانية، وقعَتْ طلقتان، وكذا لو قَصَد بالثانية التأكيدَ، وبالثالثة الاستئناف، وإن قَصَد بالثالثة تأْكِيدَ الأولى، فوجهان:
أصحُّهما: أنَّه لا يُقْبَل، وتقع الثلاث؛ لتخَلُّل الفاصل، وهذا هو المذْكُور في الكتاب.
والثاني: يُقْبل ولا تقع إلاَّ طلقتان، والفاضل اليسير لا يقْدَح، وإن قصد بالثَّانية الاسئتناف، ولم يقصد بالثَّالثة شيئاً، أو بالثالثة الاستئْنَاف، ولم يقْصِد بالثانية شيئاً، جَرَى القولان في الطَّلقة المطلقة.
وفي "المجرَّد" للحناطي: أن قوله: أنْتِ مطلَّقة، أنتِ مسرَّحة، أنت مفارقَةٌ، كقوله: أنتِ طالقٌ أنت طالقٌ أنت طالقٌ، وحَكى فيه وجهاً آخر أن كُلَّ لفظةٍ طلقةٌ مستأنفة.
ولو قال: أنتِ طالقٌ وطالقٌ، وطالقٌ، وقال قصدتُّ بالثاني تأكيد الأول، لم يُقْبَل في الظاهر لاخْتِصَاصِ الثاني بالواو المقتضية للعَطْف، ومُوجِب العَطْف التغاير، وأيضاً فعادة التأكيد بالتكرار رعاية المساواة بين اللفظين، ويجوز أن يقصد بالثالث تأكيد الثَّاني؛ لتساويهما، ويجوزُ أن يقْصِد به الاستئناف، وإن أطْلق، فعَلَى القولَيْن السابقين.
ولو قال: قصدتُّ بالثالث تأكيد الأول، لم يُقْبَل، كما لا يُقْبَل تأكيد الأول بالثاني، "بل" أولَى لتخلل الفاصل.
ولو قال: أنتِ طالقٌ، وأنتِ طالقٌ، فهو كقوله: أنتِ طالقٌ وطالقٌ؛ لزيادة الواو، وكذا لو قال: أنتِ طالقٌ بل طالقٌ أو قال: أنتِ طالقٌ ثم طالقٌ، ولو قال: أنت طالقٌ فطالق فطالقٌ أو قال: أنتِ طالقٌ ثم طالقٌ ثم طالقٌ أو قال: أنتِ طالقٌ بل طالقٌ بل طالقٌ فالحُكْم كما لو قال: أنتِ طالقٌ وطالقٌ وطالقٌ، لا يجوز أن يكون الثاني تأكيداً للأول، ويجُوز أن يكُونَ الثالث تأكيداً الثاني؛ لتساوي اللَّفْظين، ولو قال: أنت طالقٌ وطالقٌ