قال: أنتِ طالقٌ في أفْضل الأوقات، طُلِّقَتْ في ليلة القَدْر. ولو قال: أفضل الأيام، طُلِّقَت يَوْمَ عرفة. وفي وجه يوم الجمعة عنْد الغروب (1). ولو قال: أنت طالقٌ بيْن الليل والنهار، لا يحكم بوقوع الطلاق ما لم تغْرُب الشمس (2).
وأنَّه لو قال: أنتِ طالقٌ قبْل موتي يقَعُ الطَّلاق في الحال، ولو قال: قُبَل موتي -بضم القاف أو قُبَيل موتي، لا يقع إلا في آخر جُزْء من حياته، ولو قال: بَعْد قبل موتي يقع في الحال؛ لأنَّه بعد قبل الموت، ويُحْتَمَل ألاَّ يَقَع؛ لأن جميع عمره قبْل الموت.
ولو قال: أنْتِ طالقٌ قبل أن أضربك أو تدخلي الدَّار أو ما لا يتحقَّق وجوده.
قال إسماعيل البوشنجي، هذا يحتمل وَجْهَيْن:
أحدهما: أنه يقع الطَّلاَق في الحال، كما لو قال: قَبْل موتي أو مَوْت فلان، وأصحُّهما: أنَّه لا يقَعُ حتَّى يوجد ذلك الفِعْل، فحينئذٍ يَقَع مستندًا إلى أوَّل اللَّفْظ؛ وهذا لأن قولنا هذا قبْل هذا، يستدعي وجودهما، وربَّما لا يكون لذلك الفعْل وجودٌ، ولو قال: أنْتِ طالقٌ تطليقاً قبْلها يوم الأضحى، فيراجع إن أراد الأضحى الذي بين يديه فلا تُطَلَّق حتَّى يجيْء ذلك اليوم، وينقرض ليكون قبل التطليقة، وإن أراد الذي مضى، فيقع الطلاق في الحال، كما لو قَال: يَوْم السبت أنْتِ طالقٌ تطليقةً قبلها يوم الجمعة (3)، ولو قال: أنتِ طالقٌ قبْل مَوْت فُلاَن، وفلان بشَهْر، فإن مات أحدهما قبْل الشهر لم يقَعِ الطلاق، وإنْ مات أحدُهُمَا بعْد مُضِيِّ شَهْر فوجهان:
أحدهما: أنَّه يقع الطَّلاق قبْل موته بشهْر، وإذا أُوْقِع قبل موته بشَهْر، كان واقعاً قبل موت آخرهما موتاً بأكثر من شَهْر وفي أكثر من شهْر فيكون واقعاً قبْل موتهما بشهر.
الثاني: لا يقع الطلاق أصْلاً؛ لأن الصفة المذكورة لا تَتحقَّق،؛ لأنَّه إذا وقع الطلاق قبل موت الأول بشهر، يكُون قبْل موت الآخر بأكثر من شهْر، فحينئذٍ فلا يقال في مطرد العرف إنَّه قَبْله بشَهْر، إنَّما يُطْلَقُ ذلك إذا انحصر السَّبْق في مقدار شهْر، بلا زيادةٍ ولا نُقْصَانٍ، وهذا الثاني خرجه البوشنجي -رحمه الله-، ونظير المسألة ما إذا