المسنونات، وتسمى التي تقع في القسم الثاني هيئات.
قال إمام الحرمين: وليس في تسميتها أبعاضاً توقيف ولعل معناها أن الفقهاء قالوا: يتعلق السجود ببعض السنن دون البعض، والتي يتعلق بها السجود أقل مما لا يتعلق، ولفظ البعض في أقل قسمي الشيء أغلب إطلاقاً، فلذلك سميت هذه الأبعاض، وذكر بعضهم أن السنن المجبورة بالسجود وقد تأكد أمرها وجاوز حد سائر السنن، وبذلك القدر من التأكيد شاركت الأركان فسميت أبعاضاً تشبيهاً بالأركان التي هي أبعاض وأجزاء حقيقة، وسيأتي وجه شرعية سجود السهو فيها في باب السجدات، وقد ذكرها المصنف في ذلك الباب، ولو لم يتعرض لها في هذا الموضع لما مر، لكنه لما ترجم الباب بكيفية الصلاة وعدت هذه السنن (1) من أبعاضها استحسن ذكرها في هذا
الموضع أيضاً، ثم أنه عدها أربعة:
أحدها: القنوت. وثانيها: التشهد الأول. وثالثها: القعود فيه.
ورابعها: الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه، وفي استحبابها قولان يذكران من بعد، فإن قلنا بالاستحباب فهو من الأبعاض، وألحق بهذه الأربعة شيئان:
أحدهما: الصلاة على الآل في التشهد الثاني إن قلنا إنها مستحبة لا واجبة، وكذلك في التشهد الأول إن استحببناها تفريعاً على استحباب الصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيه، وهذا الخامس قد ذكره في الكتاب في باب السجدات، ونشرح الخلاف فيه من بعد إن شاء الله تعالى.
والثاني: القيام للقنوت (2) عد بعضاً برأسه، وقراءة القنوت بعضاً آخر، حتى لو وقف ولم يقرأ سجد للسهو، وهذا هو الوجه إذا عددنا التشهد بعضًا والقعود له بعضاً آخر، وقد أشار إلى هذا التفصيل في القنوت إمام الحرمين -قدس الله روحه- وصرح به في "التهذيب" ثم كون القنوت بعضاً لا يختص بصلاة الصبح بل هو بعض في الوتر أيضاً في النصف الأخير من رمضان، وقوله: (وما عداها فسنن لا تجبر بالسجود) ينبغي أن يعلم بالحاء والميم والألف لما سيأتي في باب "سجود السهو".
قال الغزالي: الرُّكْنُ الأَوَّلُ التَّكْبِيرُ، وَلْتَكُنِ النِّيَّة مَقْرُونَةً بِهِ بِحَيْثُ تُحْضَرُ فِي العِلْمِ صفَاتُ الصَّلاَةِ، وَيقْتَرِنُ القَصْدُ إلَى هَذا المَعْلُومِ بِأوَّلِ التَّكْبِيرِ، وَيَبْقَى مُسْتَدِيمًا لِلْقَصْدِ وَالْعِلْمِ إلَى آخِرِ التَّكْبِيرِ، فَلَ عَزُبَتْ بَعْدَ التَّكْبِيرِ لَمْ يَضُرَّ، وَلَوْ عَزُبَت قَبْلَ تَمَامِ التَّكْبِيرِ فَوَجْهَانِ.