أحدهما: قال في "التتمة" لأن الأربعة ليست صيغة عموم، وإنما هي اسم خاصٌّ لعدد خاص، فقوله: "إلا فلانة" رَفَع للطلاق عَنْها بعد التنصيص عليها، فكان كما لو قال: أنتِ طالقٌ طلاقاً لا يقع عليْكِ، وقضية هذا الوجه ألا يصحُّ الاستثناء عن الأعداد في الإِقرار في الطلاق أصلاً؛ لأنها جميعاً أسماء خاصة لتلك الأعداد ومعلوم أنَّه ليس كذلك.
والثاني: وهو المذكور في الكتاب: أن الاستثناء من المعيَّن يعتاد، وإنما المعهود الاستثناء من الطَّلقات، وقد يقوي ذلك بأن للإشارة أثراً ظاهراً في تثبيت الكلام، وتقريره، وهذا يضعف وبأن الإِمام حَكَى عن القَاضي أنَّه لو قال: أربعُكُنَّ إلا فلانة طوالقُ، يصحُّ الاستثناء، وادعى أن هذا معهودٌ، وذلك غير معهود وهذا كلام كما تراه وقد حكينا في الإقرار أن الاستثناء صحيح من المعينات على الصحيح ويساوي في الوجهين الإِقْرار والطلاق.
وقوله في الكتاب "كما لو قال: هؤلاء الأعبد الأربعة لفلان إلا هذا الواحد لم يصحَّ" ظاهره يُشْعر باتخاذه أصلاً مفروعاً عنه، وليس كذلك، ولم يذْكره الإِمام هكذا، لكن قال: لعلَّ القاضي يقول بأنه لمْ يصحَّ هذا الاستثناء، وبالظاهر أجاب في "باب الإِقْرار" على ما قدَّمناه، ويجوز أن يعلم قوله: "لم يصح" بالواو.
فرْعٌ: لو قال: أنتِ، هكذا، وأشار بأصابعه الثلاث، ففي "فتاوى القفَّال"، أنَّه إن نوى بقَلْبه الطَّلاق، طُلِّقَت ثلاثاً، والإشارة صريحة في العدد، وإن لم ينوِ أصل الطلاق لم يقع شيْء، كما لو قال: أنتِ (1) ثلاثاً، ولم ينوِ بقلبه الطَّلاق، وقال غيره: يُحْتمل أن لا يُجْعَل هذا كناية؛ لأن اللفظ لا يُشْعر بالطلاق (2) بحال والله أعلم.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَطَلَّقْتَ زَوْجَتَكَ اسْتِخْبَاراً؟ فَقَالَ: نَعَمْ كَانَ إِقْرَاراً، وَإنْ كَانَ لالْتِمَاسِ الإِنْشَاءِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي قَوْلٍ، وَكِنَايَةٌ في قَوْلٍ، وَلَوْ قَالَت: (مرا طلاق ده)
فَقَالَ: (دا زم) فَيَصِيرُ الخِطَابُ معْتَاداً فِيهِ وَيكُونُ صَرِيحاً عَلَى وَجْهٍ، وَلَوْ قَالَ الدَّلاَّلُ لِبَائِعِ المَتَاعِ: بِعْتُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ لَمْ يَكُنْ هَذَا خِطَاباً مَعَ المُشْتَرِي، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَلَكَ زَوْجَةٌ؟ فَقَالَ: لاَ فَهُوَ صَرِيحٌ في الإِقْرَارِ، وَقِيلَ: كِنَايَةٌ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا قيل له على سبيل الاستخبار: أطلقْتَ زوْجتَك أو (3) فارقتها، أو