الظِّهار مع وُقوع الطَّلاق، وفيه وجْه حكاه أبو الفَرَج السرخسي عن القَفَّال أنه لا يصحُّ الظِّهار؛ لأنا إذا استعملْنا قوله: أنتِ طالقٌ في إيقاع الطَّلاق، لم يَبْق إلا قوله: كظهر أُمِّي، وأنه لا يصحُّ كنايةً؛ إذ لا خطاب فيه، والظاهرالأول، ومَنْ نَصَره قال: كلمة الخطَاب السابقة تعود في الظِّهار، إذا نَوَى، ويصير كأنه قال: أنتِ طالقٌ، أنتِ كظَهْر أُمِّي، والوجْه المنقول عن الطَّبَري وأبي الحُسَيْن عائدٌ هاهنا لإقراره بالظهار، حيْث قال: أردتُّ الطَّلاق والظهار، ولو عَكَس؛ وقال: أردتُّ بقولي: أنْتِ طالقٌ الظِّهارَ، وبقوله: كظهر أمي الطَّلاق، وقع الطَّلاق بقوله: أنتِ طالقٌ، ولا يصح الظِّهار؛ لِمَا ذَكَرْنا أن قوله: كظهر أمي خَرَج عن الصراحة، ولم يُقْصَد به الظِّهار، ويمكن أن يقال: إذا خَرَج عن كونه صَرِيحًا في الظِّهار، وقد نوى به (1) الطَّلاق، يَقَع به طلقة أُخْرَى، إن كانت الأولى رجعيَّةً، ولو قال: أنت علي (2) كظَهْر أمي طَالِقٌ.
قال القاضي ابن كج: إن أراد الظِّهار والطلاق، حَصَلاَ، ولا يكون عائدًا؛ لتعقيبه الظِّهار بالطلاق، فإن راجَعَ، كان عائدًا، وإن لم يرد شيئًا، صحَّ الظِّهار، وفي وقوع الطَّلاق وجْهَان؛ لأنه ليس في لفْظ الطَّلاق مخاطبةٌ.
المسألة الثانية: إذا قال: أنتِ عليَّ حرامٌ كظَهْر أُمِّي، فله أحوال:
إحداها: أن يريد بكلامه مجرَّد الطَّلاق، ففي بعْض نسخ المختصر: أنه يكون ظهارًا، وفي أكثرها أنه يكون طلاقًا، وكذلك نقل الرَّبيع والبُوَيْطِيُّ والأصحاب طريقان:
أظهرهما: أن المسألة على قولَيْن:
أحدهما، وبه قال أبو حنيفة: أن يكون ظهارًا؛ لأن لفْظ الحرام صالحٌ للظهار، وقد اقترن به لفْظ الظِّهار ونية الطَّلاق، واللفظ الظاهر أقْوَى من النية الخفية.
وأصحهما: أنه طلاقٌ؛ لأن قوله: أنْتِ عليَّ حرامٌ، مع نيَّة الطَّلاق بمنزلة صريح الطَّلاق، ولو قال: أنْتِ طالقٌ كظهر أمِّي، كان طلاقًا، فكذلك الكناية مع النيَّة.
الثاني: القطع بكونه طلاقًا والامتناع من إثبات قولِ آخَر حكاه أبو الفرج السرخسي، وفي كتاب القاضي ابن كج طريقةٌ قاطعةٌ بحصول الظِّهار رادَّةٌ للخلاف إلى أنَّه هل يَقَع الطَّلاق معَ الظِّهَار؟
والثانية: أن يريد به الظَّهار، فهو ظهار؛ لأن قوله: أنْتِ عليَّ حرامٌ، ظهارٌ إن أراد به الظِّهار فإذا (3) أراده وانضم إلَيْه اللفظ كان أوْلَى.