تَرَبَّعَ" (1). ويروى هذا عن مالك وأحمد وأبي حنيفة ثم يركع متربعًا أو مفترشاً إذا أراد الركوع عن أبي حنيفة وأصحابه فيه اختلاف رواية.
وأصحهما: أنه يقعد مفترشاً؛ لأنه قعود لا يعقبه سلام فأشبه التشهد الأولى، وسيأتي معنى الافتراش في موضعه وتأويل الخبر: أنه ربما لم يمكنه الجلوس على هيئة الافتراش أو أراد تعليم الجواز وإلا فالتربع ضرب من التنعم لا يليق بحال العبادة، ويجري القولان فيما إذا قعد في النافلة. وأما الوجهان:
فأحدهما: وقد ذكره في الكتاب: أنه ينصب ركبته اليمنى ويجلس على رجله اليسرى كالقارئ يجلس بين يدي المقرئ ولا يتربع لما ذكرنا، ولا يفترش لتفاوت هيئة الجلوس هاهنا هيئة الجلوس في التشهد، وهذا يحكى عن القاضي الحسين.
والوجه الثاني: حكى في "النهاية" أن بعض المصنفين ذكر أنه يتورك في هذا القعود، ويمكن أن يوجه هذا بأن مدة القيام طويلة وهذا القعود بدل عنه فاللائق به التورك كما في آخر الصلاة، وأما الافتراش فإنه يؤمر به عند الاستيفاز.
وإذا عرفت ما ذكرناه فلا يخفى عليك أن تفسير الإقعاء من لفظ الكتاب ينبغي أن يعلم بالواو، وقوله: (الافتراش أفضل) بالميم والألف والحاء، وكذلك ينصب ركبتيه اليمنى وقوله: "ليفارق جلسة التشهد" بعض التوجيه معناه لا يفترش لهذا المعنى ولا يتربع؛ لأنه هيئة تنعم، وأما هذه فهي لائقة بالتعظيم.
قال الغزالي: ثُمَّ إِنْ قَدَرَ القَاعِدُ عَلَى الإرْتفَاعِ إِلَى حَدِّ الرُّكُوعِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الرُّكُوعِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِر فَيَرْكَعُ قَاعِدًا إِلَى حَدٍّ تَكُونُ النِّسْبَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّجُودِ كَالنِّسْبَةِ بَيْنَهُمَا فِي حَالِ القِيَامِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ وَضْعِ الجَبْهَةِ انْحَنَى لِلسُّجُودِ، وَلْيَكُنِ السُّجُودُ أَخْفَضَ مِنْهُ لِلْرُّكُوعِ.
قال الرافعي: حكم المصنف بأن القاعد لو قدر على الارتفاع عند الركوع إلى حد الراكعين عن القيام لزمه ذلك، ذكره إمام الحرمين، ووجهه، بأن الركوع مقدور عليه فلا يسقط بالمعجوز عنه، وهذا الكلام تفرع منهما على أن من بلغ انحناؤه حد الركوع يقعد، فأما إذا فرعنا على أنه يقف كذلك وهو الأظهر على ما تقدم، فلا تجئ هذه المسألة إلا أن يفرض لحوق ضرر في الوقوف قدر القيام دون الوقوف قدر الركوع، فحينئذ يقعد لخوف الضرر لا بسبب الانحناء، ويرتفع عند الركوع وأما من لا يقدر على الارتفاع، فنتكلم في