والثاني: نَقْل الجواب من كل صورة إلى الأُخْرى، وتخريجهما على قولَيْن:
أحدهما: أنه صريح في القَذْف؛ لأنه الظَّاهر السابق إلى الفَهْم منه (1)، والثاني وأقيسهما: أنه كناية في الصُّورتين؛ لأنَّه يحتمل غير القذف على ما سيأتي.
والثالث: ويُحْكَى عن أبي إسحاق: القَطْع بأنه ليس بقَذْف في الصورتين، وحمل قوله "إنه قذف" على ما إذا أراده.
والرابع: ويحكى عن ابن الوكيل: القطع بأنه قَذْف في الصورتين، وتأويل ما ذَكَره في حقِّ الوالد، وإذا قلْنا بالأصح، فيما إذا قال: لسْتَ ابْنِي، فيُسْتَفْسر، والتفسير يفرض من وجوه:
أحدها: أن يقول: أردتُّ أنه من زناً، فهو قاذف، ولا يَخْفَى حكمه.
والثاني: أن يقول: أردتُّ أنه لا يُشْبِهُني خَلْقًا أو خُلُقًا وطبعًا، فيُقْبل، ويحلف عليه إن كَذَّبَته المرأة، وقالت: أردتَّ القذف، فإن نَكَل، حلَفَتْ، واستحقَّت حدَّ القذف، وله أن يلاعن لإسقاط الحد، وفيه وجه: أنه لا يلاعن لإنكاره القذف، وسيأتي نظيره.
والثالث: أن: (2) يقول: أردت أنه من وطئ شُبْهة، فلا قَذْف، فإن قالت: أردتَّ القذف، حلف على ما ذكرنا، والولد لاحق به، إن لم يعيِّن الوطء بالشبهة، أو عيَّنه، فلم تصدِّقْه، ولم يَقْبَل الولد، وإن صُدق، وادَّعى الولد، أرى القائف، فإن ألحقه به، فذاك، وإلا، لَحِقَ الزوج، والكلامُ في جواز اللعانِ عنْد النسبة إلى الوطء بالشبهة يأتي في الركن الثالث من أركان اللعان، إن شاء الله تعالى.
والرابع: أن يقول: إنه (3) كان من زَوْجٍ قبلي، فلا يكون قاذفًا، سواءٌ عُرِف لها زوجٌ أو لم يُعْرف، قاله أبو الفرج السرخسي.
وأما الولد، فإن لم يعرف لها زوج قبله، يُقْبل قوله، ولَحِقه الوَلدُ، وإن عُرِف، فسنبين في كتاب العِدَّة إن شاء الله تعالى أن الوَلَد بمن يلحق، فإذا التحق به، فإنما ينتفي عنه باللعان، وكذلك ذكره صاحب "المهذب" و"التهذيب" وغيرهما، وإذا لم يُعْرف وقت فراق الأول، ونكاح الثاني، فلا يلحق الولَدُ به؛ لأن الولادة عَلَى فراشه وحصول الإمكان لم يتحقَّق إلا أن يقيم بيَّنة على أنها ولَدَتْه في نكاحه لزمان الإمكان، وتقبل فيه