له الاقتصار على الإيماء في الركوع والسجود فلا يلزم من جواز الاقتصار على الإيماء في الأفعال جواز الاقتصار على ذكر القلب في الأذكار، فإن الأفعال أشق من الأذكار، فهي أولى بالمسامحة، ولا فرق في النوافل بين الرواتب وصلاة العيدين وغيرهما.
وقال القاضي ابن كج في "شرحه": صلاة العيدين والاستسقاء والخسوف لا يجوز فعلها عن قعود كصلاة الجنازة.
قال الغزالي: الرُّكْنُ الثَّالِثُ القِرَاءَةُ: وَدُعَاءُ الاسْتِفْتَاحِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ مُسْتَحَبٌّ (م ح)، ثُمَّ التَّعَوُّذُ (م) بَعْدَهُ مِنْ غيْرِ جَهْرٍ (و)، وَفِي اسْتِحْبَابِ التَّعَوُّذِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَجْهَانٍ.
قال الرافعي: لركن القراءة سنتان سابقتان وأخريان لاحقتان، أما السابقتان فأولاهما: دعاء الاستفتاح، فيستحب للمصلي إذا كبر أن يستفتح بقوله: "وَجَّهْتُ وَجهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا مُسْلِماً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْركِينَ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ " خلافاً لمالك حيث قال: لا يستفتح بعد التكبير إلا بالفاتحة والدعاء، والتعوذ يقدمهما على التكبير، ولأبي حنيفة وأحمد حيث قال: يستفتح بقوله: "سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك".
لنا ما روي عن علي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إنَّهُ كَانَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلاةَ كَبَّرَ ثُمَّ قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ إلى آخره" (1) وقال في آخره: "وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ" لأنه -صلى الله عليه وسلم-، أول مسلمي هذه الأمة.
وروي أنه كان يقول بعده: "اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِر لِي ذُنُوبِي جَمِيعاً، إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ، لاَ يَهْدِي لِأحْسَنِهَا إلاَّ أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لاَ يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْتَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلا مَنْجَى مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ" (2). وروي بعد قوله: "وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ" (2). قال المزني: أي لا يضاف إليك على انفراده.
وقيل: أي لا يتقرب به إليك، والزيادة على ما ذكرنا أولاً نستحبها للمنفرد، والإمام إذا علم رضاء المأمومين بالتطويل.