وطء الثاني، فالولد منفيٌّ عنْهما ولا تنقضي بالوَضْع عدَّةُ واحدٍ منهما على الوجْه الأشهر، بل تكمل بعْد الوضع عدَّة الأوَّل، ثم تستأنف عدة الثاني، وفيه وجه آخر عن الشيخ أبي حامد -رحمه الله-: أنها تَعْتدُّ بالوَضْع عن أحدهما، لا بعينه، لإمْكان كونه مِنْ أحدهما بوطء شبهة يفَرْض من الزوج بعد الطلاق أو يفرَضَ من الواطئ قبل وطئه الظاهر، والإمكانُ كافٍ في انقضاء العدَّة، ثم إذا وضَعَتِ اعتدَّتْ عن الآخر بثَلاَثةِ أقراء، وهذا ما ارتضاه الإمامُ، وقد نقل صاحب"المهذب" الوجهَيْن جميعًا، ويتفرَّع عليهما فرعان:
أحدهما: لو كانت ترى الدم والحالة هذه وجعلناه حيضًا قال الروياني: إن قلنا تنقضي عدة أحدهما بالوضع لا تعتدُّ بأقرائها؛ لئلا تتداخل، عدَّتان في حقِّ شخصَيْن، وإن قلنا: لا تنقضي، ففي الاحتساب بأقرائها وجْهان:
أشبههما: الاحتساب؛ فإنها لم تَعتدَّ بالحمل، كانت كالحائل (1)، وهذا ما أورده ابن الصَّبَّاع في "الشامل" وقد يمنع قول القائل: إن القَوْل باعتدادها بالأقراء مع الاعتداد بالحَمْل مُصَيِّرٌ إلى التداخل بأن الذي ينكر أن يعتد بالقرء بالواحد مثلاً عن اثنين، وهاهنا لا تعتدُّ بشيْءٍ واحدٍ عنهما جميعًا، بل تعتد عن أحدهما بالحَمْل، وعن الآخر بالأقراء إلا أنَّهما وَقَعا في زمانٍ واحدٍ.
الثاني: إن قلْنا: تنقضي بالوضْع لحمْل إحدى العدتَيْن، فلا تصح رجعةُ الزوج في مدة الحَمْل، ولا رجعته في الأقراء بعْد الوضع للشَّكِّ في أن عدته هذه أو هذه، فإن راجَعَ مرَّةً في الحَمْل، وأُخْرى في الأقراء، ففي صحة الرجْعة وجهان مَحكيَّان عن "الحاوي" وسيأتي -إن شاء الله- نظيرهما (2).
وإن قلْنا: لا تنقضي بالوضع (3) واحدةٌ من العدَّتَيْن، فتكمل بعْد الوضع عدَّةُ الأول، وهو الزوج، وله الرجْعة فيه، وهل له الرجْعَة في مدة الحَمْل قبله فيه الوجْهَان السَّابقان.
الحالة الثَّانِيَةِ: إذا احْتُمِل أن يكُون الوَلَد من الزوْح، واحتمل أن يكون من الواطئ بالشبهة، فيُعْرَض بعْد الوضْع على القائف، فإن ألْحَقَه بالزَّوْج أو الواطئ، فالحُكْم كما بَيَّنَّا فيما لو اختص الاحتِمَال به، وإن لم يَكُن قائف أو أشْكَل علَيْه أو ألْحَقَه بهما أو نَفَاه عنْهما أو ماتَ الولَد، وفات العرَض، فتنقضي عدَّة أحدهما بوضع الحَمْل؛