النجاسة، ولا أثر للشك والتردد في بقاء الشعر فيه، ووقوعه فيما حدث لحصول الظن بإخراج الجميع، ثم إن تحقق شَيْءٌ بعد ذلك على خلاف الغالب اتبعه.
وقيل: لم ينزح إلى الحد المذكور، فإذا غلب على ظنه أنه لا يَخلُو كل دلو عن شيء من النجاسة، ولكنه لم يره، ولا تيقنه فجواز الاستعمال على القولين في الأصل والغالب إذا تعارضا كما سيأتي نظائر ذلك.
واعلم أن فَرْضَ المَسْأَلَةِ في تَمَعُّط الشعور مبنى على نجاسة شعور الحيوانات بالموت، فإن لم ينجسها، فليقع الفرض في سائر الأجزاء.
الفْصَلْ الثَّالِثُ فِي الْمَاءِ الْجَارِيقال الغزالي: فَإِنْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ مَائِعَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ فَطَاهِرٌ إِذِ الأَوَّلُونَ لَمْ يَحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْهَارِ الصَّغِيرَةِ.
قال الرافعي: نشرح مسائل الماء الجاري. على ما ذكرها، ورواها في الأصل ثم نورد (1) فيها إن شاء الله تعالى ما ينبغي.
فنقول: الماء الجاري ينقسم إلى: ماء الأنهار المعتدلة، وإلى ماء الأنهار العظيمة.
القسم الأول: ماء الأنهار المعتدلة، والنجاسة الواقعة فيه، إما أن تكون مَائِعَةَ، أو جَامِدَةٌ، فإن كانت مائعة فينظر هل تغير الماء أم لا؟ فإن غيرته فالقدر المتغير نجس، وحكم غيره معه كحكمه مع النَّجَاسَةِ الجامدة، وإن لم تغيره، فينظر إن كان عدم التغير للموافقة في الأوصاف، فالحكم على ما ذكرنا في الراكد، وإن كان لقلة النجاسة وانمِحَاقِهَا فيه لم ينجس الماء، وإن كان قليلاً؛ لأن الأولين كانوا يَسْتَنْجُونَ على شُطُوطِ الأنهار الصغيرة، ولا يرون ذلك تنجيساً لِمِيَاهها، وهذه الحالة هي المرادة في الكتاب.
قال الغزالي: وَإِنْ كانَتْ جَامِدَةً تَجْرِي بِجَرْيِ المَاءِ فَمَا فَوْقَ النَّجَاسَةِ وَمَا تَحْتَهَا طَاهِرٌ لِتفَاصُلِ جَرَيَاتِ المَاءِ، وَمَا عَلَى جَانِبَيْهَا فِيهِ طَرِيقَانِ، قيلَ بِطَهَارَتهِ، وَقِيل بِتَخْرِيجِهِ عَلَى قَوْلِ التَّبَاعُدِ، وإِنْ كانَتِ النَّجَاسَةُ وَاقِعَةٌ فَالحُكْمُ مَا سَبَقَ إِلاَّ أَنَّ مَا يَجْرِي مِنَ المَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَيَنْفَصِلُ عَنْهَا فَهُوَ نَجِسٌ فِيمَا دُونَ القُلَّتَينِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى القُلَّتَينِ أَعْنِي مَا بَيْنَ المُغتَرَفِ وَالنَّجَاسَةِ فَوَجْهَانِ: أَظْهَرَهُمَا: المَنْعُ إِلاَّ أَنْ يَجْتَمِعَ فِي حَوْضِ مُتَرَادّاً فإِنَّ الجَارِي لاَ تَرَادَّ لَهُ فَهِيَ مُتَفَاصِلَةُ الأَجْزَاءِ.