إحداهما: كمذهبنا. والأخرى كمذهب أبي حنيفة.
لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال للمسئ صلاته: "ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً" (1).
ولو كان يصلي قاعداً لمرض فيعود إلى القعود بعد الركوع وبالجملة، فالاعتدال الواجب أن يعود بعد الركوع إلى الهيئة التي كان عليها قبل الركوع، فلو ركع عن قيام وسقط في ركوعه نظر، إن لم يطمئن في ركوعه فعليه أن يعود إلى الركوع، ويعتدل منه، وإن اطمأن فيعتدل قائماً، ويسجد منه.
ولو رفع الراكع رأسه، ثم سجد، وشك في أنه هل أتم اعتداله؟ وجب عليه أن يعتدل قائماً، ويعيد السجود، وتجب الطمأنينة في الاعتدال كما تجب في الركوع.
وقال في "النهاية": في قلبي من الطمأنينة في الاعتدال شيء؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث المسيء صلاته ذكر الطمأنينة في الركوع، والسجود، ولم يذكرها في الاعتدال والقعدة بين السجدتين، فقال: "ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى تَعْتَدِلَ جَالِساً" (2).
قال: وفي كلام الأصحاب ما يقتضي التردد فيها، والمنقول هو الأول ويستحب عند الاعتدال رفع اليدين إلى حذو المنكبين، فإذا اعتدل قائماً حطهما. وقال أبو حنيفة: لا يرفع.
لنا ما روي عن ابنَ عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكَبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ، وإذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوع، وإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذلِكَ، وَقَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ" (3).
ويستحب أن يقول عند الارتفاع: "سمع الله لمن حمده" ويكون ابتداؤه برفع الرأس من الركوع، ورفع اليدين، والتسميع دفعة واحدة، فإذا استوى قائماً، قال: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدَ، وروينا في خبر ابن عمر: "وَلَكَ الْحَمْدُ" (4).
والروايتان معاً صحيحتان ويستوي في الذكرين الإمام والمأموم والمنفرد، خلافاً لمالك وأبي حنيفة، حيث قالا: "لا يزيد الإمام على سمع الله لمن حمده، ولا المأموم على ربنا ولك الحمد". وأما المنفرد فقد روى صاحب "التهذيب" عنهما: أنه يجمع بين الذكرين، ثم روى مثل مذهبهما عن أحمد.
والأشهر عن أحمد: أنه يجمع الإمام والمنفرد بينهما، ولا يزيد المأموم على: