هَوَى ليسجد فسقط على الأرض بجبهته نظر، إن وضع جبهته على الأرض بنية الاعتماد لم يحسب عن السجود، وإن لم تحدث هذه النية يحسب لو هوى ليسجد فسقط على جنبه فانقلب وأتى بصورة السجود على قصد الاستقامة والاستداد لم يعتد به، وإن قصد السجود اعتد به -والله أعلم -.
قال الغزالي: وَأَمَّا أَكْمَلُ السُّجُودِ، فَلْيَكُنْ أَوَّل مَا يَقَعُ مِنْهُ عَلَى الأَرْضِ رُكْبَتَاهُ (ح م)، وَلْيُكَبِّرْ عِنْدَ الهَوِيِّ، وَلاَ يَرْفَع اليَدَ، وَيَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَيَضَعُ الأَنْفَ (ح) مَعَ الْجَبْهَةِ مَكْشُوفاً، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ رُكْبَتَيهِ، وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَيُقِلُّ بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ وَهُوَ التَّخْوِيَةُ، وَالمَرْأَةُ لاَ تُخَوِّي، وَيَضَعُ يَدَيْهِ بِإزَاءِ مَنْكِبَيْهِ مَنْشُورَةَ الأَصَابع وَمَضْمُومَتَهَا.
قال الرافعي: السنة أن تكون أول ما يقع من الساجد على الأرض ركبتاه، ثم يداه، ثم أنفه، وجبهته خلافاً لمالك، حيث قال: يضع يديه قبل ركبتيه، وربما خيّر فيه.
لنا ما روي وائل بْن حُجْر -رضي الله عنه- قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيهِ" (1).
ويبتدئ التكبير مع ابتداء الهَوِيّ، وهل يمد أو يحذف؟ فيه ما سبق من القولين؛ ولا يرفع اليد مع التكبير هاهنا؛ لما روي عن ابن عمر -رضي الله عنه- أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ" (2).
ويقول في سجوده: "سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى ثَلاَثاً"؛ لما روينا من الخبر في فصل الركوع. وذلك أدناه.
والأفضل: أن يضيف إليه ما روي عن علي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِيَ لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" (3).
وهذا أتم الكمال، وما ذكرناه في فصل الركوع، أن المستحب للإمام ماذا،