بمحدَّد من سيف أو غيره، أو بمثقل أو خَنَقَه أو غَرَّقَه في ماء أو ألقاه في نَارٍ، أو جوَّعه حتى مات أو ألقاه من شاهق، فللولي أن يقتله بمثل ما قتل به، وبه قال مالك، وخالف أبو حنيفة فيه، وقال: يتعيَّن القتْل بالسيْف، واحتج الأصحابُ بما سبق، وأيضاً، فإن المقصود من القصاص أو مِنْ مقاصده التشفِّي، وإنما يكمل التشفِّي إذا قُتِلَ القاتِلُ بمثل ما قَتَل، ويُستثنى عن القاعدة ثلاثُ صوَرٍ:
إحداها: إذا قَتَل بالسِّحْر، يقتصُّ منه بالسيف؛ لأن عمل السْحر مُحرَّمٌ على أن ذلك مما لا ينضبط، وتختلف تأثيراته.
والثانية: إذا قَتَل باللِّواط، ففيه وجه أنه لا يجب القصاصُ؛ لأنه لا يقصد به الإهْلاَك، وإنما يبغي اللذة وقضاءَ الشَّهْوة فإذا أفضى إلى الهَلاَك، كان خطأً أو عمْدَ خطأٍ، والصحيح وجوبُه إذا كان يقتل غالباً بأن لاط بصغير وعلى هذا؛ ففي كيفية استيفاء القصاص وجهان:
أحدهما: ويحكى عن أبي إسحاق والإصطخري: أنه تدس خشبة في دبره قريبة من آلته (1)، ويقتل بها تحقيقاً للمماثلة بقَدْر الإمكان.
وأصحُّهما: أنه يقتل بالسَّيف؛ لأنه قَتَل بفعْلٍ محرَّم في نفْسه، فيقتل بالسيف، كما لو قتل بالسِّحْر، قال في "التتمة": وموضع الوجهَيْن ما إذا كان موْتُه متوقَّعاً من المقابلة بمثل ما فعله، أما إذا كان لم يُتوقَّع، وكان موت المجنيِّ عليه لطفولية ونحوها، فلا معنى للمقابلة.
الثالثة: إذا أوجره خمراً، حتى مات، فقد حكى أبو الفرج السرخسي فيه وجهين: أنه لا يتعلَّق به القصاص؛ لأنه لا يقصد به الإهلاك، والصحيح خلافه، وفي كيفية استيفاء القصاص وجهان:
أحدهما: أنَّه يوجَرُ مائعاً آخر من خَلٍّ أو ماء أو شيْء مُرٍّ، والأصح: أنه يُقْتل بالسيف، ولو سقاه البَوْل، حتى مات، فعن القاضي حسين وجهان في أنه يُسقَى مثله أو يكون كالخَمْر، وفرق بين البول والخمر بأن البول يُبَاح للضرورة بخلاف الخَمْر، ولو