وقال أحمد: عليه ديتها، عفا أو لم يَعْفُ.
وقال مالك: يلزمه القِصَاص في اليد.
لنا: أنَّه قطَع يَدَ مَنْ يباح له دمه، فلا يلزمه القصاص، إلا الضمان كما لو قَطَع يد مرتدٍّ، والعفْو إنما يؤثِّر فيما بقي لا فيما اسْتُوفِيَ، ولو رمى الوليُّ إلى الجاني، ثم عفا عنه قبل الإصابة، ففي نفوذه وجهان نقَلها الإِمام:
أحدهما: أنَّه لا ينفُذُ؛ لخروج الأمر عن اختياره.
وأظهرهما: وهو المذكور في الكتاب: أنَّه كقطْع اليد، فإن لم يُصبْه السهْم، فالعفو صحيحٌ مقيَّد، وإن أصابه، وقتله، بأن أن العَفْو باطلٌ، وفي وجوب الدية على العافِي وجهان سبَقَ ذكرهما في فصْل تغيُّر الحال بين الجرْح والموت.
والأصحُّ، عند صاحب التهذيب، ويُحْكَى عن القفَّال: أنَّه يلزمه الدية؛ لأنه محقُون الدم عند الإصابة، وليُعلَمْ؛ لما حكَيْنا قوله في الكتاب: "ولم يُضمَن (1) الطرف" بالحَاء والميم والألف.
وقوله: "وكذلك إذا عفا بعد الرمْي وقبل الإصابة" بالواو.
فَرْعٌ: إذا قطع ذميُّ يدَ مُسْلِم فاقتص منه أو يدَ ذميِّ، فاقتص منه، وأسلم، ثم ماتَ المجْرُوحُ بالسراية فللوليِّ القصاصُ في النفس، فإن عفا على المال، فوجهان:
أحدهما: أن له نصْفَ الدية؛ لأن اليد نصْف الجملة، وقد استوفاها، فإذا استُوفيتْ يد الذميِّ بيد المسلم، لم يجب شيء آخر.
وأظهرهما: أن له خمسة أسداس دية مسلم، ويَسْقُط سدسُها باليد التي استوفاها، لأنها نصف جملة الذميِّ التي هي ثُلُث جملة المُسْلم فيما يرجع إلى الدية، ولو قطَع الذميُّ يدَ المُسْلم، فاقتص منه، ومات المُسْلِم بالسراية، فعفا الوليُّ، فعلى الوجه الأوَّل لا شيْء له؛ لأنه استوفَى يدَ الجاني، واليدان مساويتان للنفس، وإذا قوبلت نفْس الذميِّ بيد المسلم، لم يجب شيء آخر، وعلى الأظهر: له ثلثا الدية؛ لأنه استوفَى ما يقابل ثُلثَ دية المسلم، ولو قطَعَت امرأةٌ يدَ رَجُل، فاقتص منْها، ثم مات الرجُل بالسراية، وعفا الوليُّ فعلَى الوجه الأول: له نصْف الدية؛ لأن يدها تُقَابل يَدَ الرجل عند الاقتصاص، وعلى الأظهر: له ثلاثة أرباع الدية؛ لأنه استوفى ما يقابل ربع دية الرَّجُل، ولو قطَعَتْ المرأة يد الرجُلِ، فاقتص معها، ثم مات المجنيُّ عليه بالسراية وعفا الوليُّ، فلا شيء له على الوجه الأول، ويجبُ نصْف الدية على الوجه الثاني، ولو قَطَع عبدٌ يدَ