في (1) قَلْع الأسنان كلها إلا دية النفس، والصحيح الأول، وقطع به القاضي ابن كَجٍّ، وفرق بين الموضِّحات، والأسنان بأن الأسنان معلومة مَضْبُوطة كالأصابع، فجاز ألا يزاد بَدَلها على دية النفس كالأصابع والموضحات ليست مضبوطة قدرًا ولا عدداً، فيجب (2) أرشها بحسب وجودها , ولو لم يَبْقَ الحاجز من موضعي الاِيضاح بكماله، ولكن بقي الجلد دون اللحم، أو بالعكس ففيه وجوه جمعها الإِمام وصاحب الكتاب.
وأصحها: أن الحاصل موضّحة واحدة، وإنما يثبت التعدد إذا اتفقا جميعاً؛ لأنه إذا زال أحدهما، فقد أثبت الجناية على الموضع كله، وهي فيما بين موضعي الإيضاح متلاحمة، أو نحوها, ولو استوعب الإيضاح الموضع كله لما وجب إلا أرش واحد، فهاهنا أولى.
والثاني: أن الحاصل موضِّحتان، ويكتفي بما بقي منهما حاجزاً اتباعاً لصورة الوضوح (3).
والثالث: أن اللحم وحده يصلح حاجزاً دون الجَلْدِ، فإن بقي الجلد وحده (4) فهي موضحة واحدة كان بقي اللحم وحده، فهما موضحتان؛ لأن اللحم هو الساتر للعظم المنطبق عليه، فيكون الاعتبار به.
والرابع: أن الجلد يصلح حاجزاً دون اللحم، فهذا بقي الجلد، فهما موضِّحتان؛ لأن الجلد هو الذي يظهر للناظرين، فهذا بقي على اتصاله لم يكن العظم واضحاً، ومنهم من قطع بأن اللحم وحده لا يصلح حاجزاً، ونفى الوجه الثالث.
وإذا قلنا: لا يثبت التعدُّد إلا إذا بقيا جميعاً، فلو أوضح في موضعين. ثم أوغل الحديدة ونفذها من الموضّحة إلى الموضحة في الداخل، ثم سَلَّهَا، فهل يقال بأنهما اتَّحَدَا؟ حكى الإِمام فيه وجهين، ولو عاد الجاني ورفع الحاجز (5) بين الموضّحتين قبل الانْدِمَالِ عاد الأرْشَان إلى واحد، وكان كما لو أوضح في الابتداء موضِّحة واسعة.
قال الإِمام: وهذا مستمرّ على النَّص في تداخل الدِّيَات إذا قطع يديه ورجليه، ثم حَزّ رقبته.
وخرج ابْنُ سريج أنها لا تتداخل على ما سيأتي إن شاء الله -تعالى- فعلى قضية تخريجه يلزم هاهنا برفع الحاجز أرش ثالث، ونقل القاضي ابن كَجّ وجهاً أنه لا يجب عليه لدفع الحاجز شيء، لكن لا يسقط (6) به شيء من الأرش؛ لأن زيادة الجِنَاية تبعد