الهوامِّ، فإن اعتبرنا (1) الجمع، لم (2) تجبِ الديةُ؛ لبقائه بعد الاستحْشَاف، وإن اعتبرنا (3) المنْعَ وجب (4) لسقوط الحسن بالاستَحشاف، وبطلانِ الشعور بالدَّبيب.
ولو قطع أذنين مستحشفتين، يبنى عَلَى هذا الخلاف، إن قلنا: هناك تجبُ الدية، فههنا تجب الحكومةُ؛ كما لو قطع يداً شلاء، وإن قلنا: تجب الحكومة، فالواجب ههنا الدية؛ لأن المنفعة المرعية (5) إنما بطَلَتْ (6) بالقطع.
وعن الشيخ أبي حامدٍ: القطعُ بوجوب الحكومة؛ كما في العين القائمة، واليد الشَّلاَّء، وإذا أوجبنا بقطع الممستحشفتين الحكومةَ، فهل يشترط ألا تنقص هذه الحكومة مع الحكومة الواجبة بالجناية التي حَصَل بها الاستحشاف عن كمال الدية؟ حكى القاضي ابن كَجٍّ فيه وجهين. وقوله في الكتاب: "والمقدَّر من الأعضاء" يعني المقدر بذْلُهُ (7).
ولفظ "الأُذُنْينِ" مُعْلَم بالواو، وكذلك قوله: "نصْف الدِّية"، وقوله: "لأن فيه منفعة جَمْعِ الصَّوْتِ" لا يختص بالأصمِّ، بل الغرض بيانِ منفعةِ العُضْو، والردّ على من لم يوجِبْ فيه إلا الحكومة.
" فَرْعٌ"لو لم يقتصرْ على استئصال الشَّاخص، بل أوضح معه العظم، لم يجعل أرش الموضِّحة تبعاً لدية الأذن؛ لأنَّه لا يتبع مقدَّرٌ مقدَّراً (8).
قال الْغَزَالِيُّ: الثَّانِي: العَيْنَانِ وَفِي إِحْدَاهُمَا إِذَا فُقِئَتِ النِّصْفُ، وَفِي عَيْنِ الأَعْوَرِ النِّصْفُ (م) وَفِي عَيْنَيِ الأَخْفَشِ كَمَالُ الدِّيَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: يجبُ في فَقْء العينَيْنِ كمالُ الدية، وفي إحداهما نصفُها؛ لما روي عن (9) النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "في العينينِ الدِّيَةُ" (10)، وفي كتاب عَمْرو بن حَزْمٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الذي كتبه رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "فِي العَيْنِ خَمْسُونَ مِنَ الإبِلِ" (11)، وعينُ الأعورِ المبصرةُ كغيرها؛ لا يجب فيها إلا نصفُ الدية؛ كما أن يد الأقْطَع لا يجبُ فيها إلا نصْفُ الدية، وقال مالك وأحمد: في عين الأعور كمالُ الدية.
ولو فقأ الأعورُ مثْلَ عينه المبصرة مِنْ إنسان، فله القصاص خلافاً لأحمد، فإن