(وهي واجبة في الثوب والبدن والمكان) لكان أحسن، إلا أن يريد به الإشارة إلى الاستنجاء أيضاً، فإن النجاسة التي تصيب البدن تنقسم إلى: ما يزال بالماء لا غير، وإلى ما يخفف بالحجر ونحوه، وهذا من خاصية البدن، ثم تكلم هاهنا في مسألتين:
إحداهما: وَصَل العَظم.
ومن انكسر عظم من عظامه فجبره بعظم طاهر (1) فلا بأس، إن جبره بعظم نجس ينبغي أن يتذكر أولاً: إن هذا يتفرع على ظاهر المذهب في نجاسة العظام، فينظر إن احتاج إلى الجبر ولم يجد عظماً طاهراً يقوم مقامه فهو معذور للضرورة، وليس عليه نزعه، وإن لم يحتج إليه، أو وجد طاهراً يقوم مقامه، فيجب عليه النزع إن كان لا يخاف الهلاك، ولا تلف عضو من أعضائه، ولا شيئاً من المحذورات المذكورة في التيمم، فإن لم يفعل أجبره السلطان عليه، ولم تصح صلاته. معه؛ لأنه حامل لنجاسة يمكنه إزالتها، وقد تعدى بحملها، ولا عبرة بالألم الذي يلحقه، ولا يخاف منه، ولا فرق بين أن يكتسي باللحم، وبين ألا يكتسي خلافاً لأبي حنيفة، حيث قال: إذا اكتسى باللحم لم يجب النزع، وإن كان لا يخاف الهلاك.
لنا: أنه حامل لنجاسة أصابته من خارج، ولم تحصل في معدن النجاسة، فيلزمه الإزالة عند القدرة، كما لو كانت على ظاهر البدن، ومال إمام الحرمين إلى ما ذكره أبو حنيفة، وذكر القاضي ابن كج: أن أبا الحسين حكاه عن بعض الأصحاب، وإن خاف من النزع الهلاك أو ما في معناه ففي وجوب النزع وجهان:
أحدهما: يجب؛ لتفريطه، ولو لم ينزع لكان مصلياً عمره مع النجاسة، ونحن نحتمل سفك الدم في ترك صلاة واحدة.
والثاني: وهو المذهب الذي لا يجب إبقاء للروح، كما لو كان عليه نجاسة يخاف من غسلها التلف لا يجب عليه غسلها، بل يحرم وهذا في حالة الحياة، أما لو مات قبل النزع، فهل ينزع منه العظم الذي يجب نزعه في الحياة؟ فيه وجهان:
أظهرهما: وهو الذي نص عليه في "المختصر"، وغيره: أنه لا ينزع؛ لأن فيه مثلة، وهتكًا لحرمة الميت، ولأن النزع في حالة الحياة إنما أمر به، محافظةً على شرائط الصلاة، فإذا مات زال التكليف، وسقط التعبد.
والثاني: أنه ينزع؛ لئلا يلقى الله -تعالى- حاملاً للنجاسة، ومنهم من خصص هذا