وحُجَّة الإِمام والقاضي الرُّوَيانِيَّ (1)، وهو ما أَوْرَدَهُ في الكتاب بعد ما جَرَى على تَفَرُّدِهِ، فقال: "فلو سَرَتِ الجِرَاحَةُ بعد الرَّفْعِ تحول أَرْشُ السراية من وقت السِّرَايَةِ" والله أعلم. وفي الدِّيَاتِ وراء ما ذكرناه صُوَرٌ ومَسَائِلُ هذا مَوْضِعُ ذكرها:
القَاتِلُ خَطَأً لا يحمل من الدِّيَةِ (2) شيئاً. وقال أبو حَنِيفَةَ: يكون كأحد العَاقِلَةِ.
لنا: ما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قضى بالدِّيَةِ على عَاقِلَةِ الجَانِي، وذلك يقتضي كَونَ الجميع عليهم.
من قتل نفْسَهُ عَمْداً أو خَطَأً، فهو مُهْدرٌ، وكذا لو قَطَعَ طَرَفَ نَفْسِهِ، وقال أحمد: تجب الدِّيَةُ في الخَطأِ على عَاقِلَتِهِ في النَّفْسِ لِورَثَتِهِ، وفي الطَّرَفِ له.
لنا: أن الدِّيَةَ تجب لِلْمَقْتُولِ أو المقْطُوعِ، بدليل قَضَاءِ دُيُونِهِ، وتنفيذ وَصَايَاهُ منها.
فلا تجب للإنسان بِجِنَايَتِهِ في حَقِّ نفسه شَيْءٌ، كما لو أَتْلَفَ مَالَهُ جناية الصَّبِيَّ والمَجْنُونِ محْمُولَة إذا كانت (3) خَطَأَ أو شِبْهَ عَمْدٍ، وكذا إذا كانت عَمْداً، إذا قلنا: إن عَمْدَهُمَا خَطَأٌ.
وبه قال أبو حَنِيْفَةَ، والأَصَحُّ أنه عَمْدٌ.
إذا حَلَّ نَجْمٌ من الدِّيَةِ، ولا إِبِلَ في البَلَدِ، قُوِّمَتْ يومئذ، وأُخِذَتْ قِيمَتُهَا، ولا يُعْتَبَرُ بَعْضُ النجوم ببعض.
في فَتَاوَى صاحب "التهذيب" أنه لو حَفَرَ بِئْراً في مَحَلِّ عدوان، ثم أحكم رَأْسَهَا، ثم جاء آخر، وفَتَحَهُ، فوقع فيها إِنْسَانٌ وتَلفَ، فالضَّمَانُ على فاتح الرَّأْسِ.
ولو أحكم رَأْسَهُ مُحْتَسِبٌ، ثم جاء ثالث، وفَتَحَهُ، فالضَّمَانُ يَتَعَلَّقُ بالثالث كما لو طَمَّهُ (4)، فجاء آخر وحَفَرَهَا ثَانِياً.
وأنه لو تَرَدَّتْ بَهِيمَة في بِئْر عدوان، ولم تَتأَثَّرْ بالصَّدْمَةِ، وبقيت فيها أيَّاماً، فماتت جُوعاً وعَطَشاً، فلا ضَمَانَ على الحَافِرِ لحدوث سَبَبٍ آخر، كما لو جاء سَبُعٌ، فَافْتَرَسَهَا في البِئْرِ.