يكون الحُكْمُ لو لم يوجد من يَرْغَبُ في شراء (1) البَعْضِ، وأراد السيد أن يَفْدِيَهُ بأقل الأَمْرَيْنِ من قيمته، وأَرْشِ الجِنَايَةِ؛ لأنه إن كانت قِيمَتُهُ أَقَلَّ، فليس على السَّيِّدِ إلا تسليم رَقَبَتِهِ، فإذا لم يسلم لم تَتَوجَّهِ المُطَالَبَةُ إلا بالقِيمَةِ، وإن كان الأرْشُ أَقَلَّ، فليس للمجني عليه إلا ذلك. والقديم ويُرْوَى عن أبي حَنِيْفَةَ أنه يَفْدِيهِ بالأرْشِ بَالغاً ما بَلَغَ؛ لأنه لو سلم العَبْد، وعرض على البيع ربما اشترى بأكثر من قيمته، وربما بُنِيَ القَوْلاَنِ على الخِلاَفِ في أن الأَرْش هل يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ.
إن قلنا: لا، فالتعلق مُنْحَصِرٌ في الرَّقَبَةِ، فلا يلزم بمنعها إلا بَدَلَهَا.
وإن قلنا: نَعَم، فجميع الأَرْشِ وَاجِبٌ، والرقبة مَرْهُونَةْ به، وإنما يَنْفَكُّ الرَّهْنُ إذا قضى جميع الدين.
ولم يَرْتَضِ الإِمَامُ هذا البِنَاءَ؛ لأنه رَأَى الأَظْهَرَ تَعَلُّقَهُ بالذِّمَّةِ.
والأَصَحُّ باتفاق الأصْحَابِ أنه إنما يلْزَمُ الفِدَاءُ بالأقل، فلا ينتظم البِنَاءُ.
لكن الأصح عند أكثرهم أنه لا يَتَعَلَّقُ بالذِّمَّةِ، وينتظم البِنَاءُ، ثم في "التهذيب" أن النص أنه تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يوم الجِنَايَةِ، وأن القَفَّالَ قال: وجب أن يعتبر قيمته يوم الفِدَاءِ (2)؛ لأن ما نَقَصَ قبل ذلك لا يُؤْخَذُ به السَّيِّدُ، ألا تَرَى أنه لو مات قبل احْتِمَالِ الفِدَاءِ لم يَلْزَم السَّيِّدَ شَيْءٌ، وحمل النَّصّ على ما إذا سَبَقَ من السيد المَنْعُ من بيعه (3) حَالَةَ الجِنَايَةِ، ثم انتقصت القيمة.
ولو جنى العَبْدُ، فَفَدَاهُ السيد، ثم جَنَى مَرَّةً أخرى، فأما أن يسلمه ليباع أو يَفْدِيَهُ مَرَّةً أخرى، وإن كانت الجِنَايَةُ الثانية قبل الفِدَاءِ، فإن سَلَّمَهُ للبيع بيعَ، وَوُزَّع الثَّمَنُ على أرْشِ الجِنَايَتَيْنِ (4)، وإن اختار الفِدَاءَ فداه على الجديد (5) بالَأقَلِّ من القيمة ومن الأَرْشَيْنِ، وفي القديم (6) با لأرْشَيْنِ.