إحداهما: فيمن يصرف إليه الغُرَّة، وفيمن تُؤْخَذُ منه.
أما من تُصْرَفُ إليه فَوَرَثَةُ الجَنِينِ، فتأخذ الأُمُّ نَصِيبَها إن كانت حَيَّةً عند انْفِصَالِ الجَنِينِ وحرة، والباقي للأب، فإن لم يكن، فلسائر العَصَباتِ.
ولو كان قد مات مورثٌ للجنين، وَوَقَفْنَا له شَيْئًا، فلا يجعل المَالُ المَوْقُوفُ لِوَرَثَةِ الجنين، بل يكون لِوَرَثَةِ ذلك المُوَرّثِ بخلاف الغُرَّةِ، تقدر فيها حياته تَغْلِيظًا على الجاني.
ولو جَنَتِ الحَامِلُ على نفسها بشُرْبِ دَواءٍ وغيره، فلا شَيْءَ لها من الغُرَّةِ المَأْخُوذَةِ من عاقلتها؛ لأنها قَاتِلَةٌ، وإنما هي لسائر وَرَثَةِ الجنين.
وأما من تُؤْخَذُ منه، فالجِنايَةُ على الجنين قد تكون خَطَأً مَحْضًا بأن يقصد غير الحامل فيصيبها، وقد يكون عَمْدَ خَطَأٍ، بأن يَقْصِدُ ضَرْبَها، ويضربها بما لا يُؤَدِّي إلى الإِجْهَاضِ غالبًا، فأَدَّى إليه، ولا يكون عَمْدًا مَحْضًا؛ لأنه لا يُتَيَقَّنُ وُجُودُهُ وحَيَاتُهُ، حتى يقصد، هذا هو الظَّاهِرُ المَشْهُورُ.
وفي "المهذب" أنه قد يكون عَمْدًا مَحْضًا إذا قصد الإِجْهَاضَ، ونحا (1) صاحب "التهذيب" نحوه.
وذكر ابن الصَّبَّاغِ أن أبا إِسْحَاقَ قال: إنه وإن قَصَدَهَا بالضَّرْبِ يكون خَطَأً في حَقِّ الجنين؛ لأنه لا يباشر بالجناية.
وإذا قلنا بالظاهر، فسواء كانت الجِنايَةُ خَطَأً أو عَمْدَ خَطَأٍ، فالغرة على العاقلة، كما وَرَدَ في الخَبَرِ.
قال في "الشامل": والغرة بَدَلُ نَفْسٍ، فلا يَجِيءُ فيها القَوْلُ القديم فيما دون النفس، لكن في "جمع الجَوَامِعِ" للقاضي الروياني أن بَعْضَهُمْ أَثْبَتَ فيها القَوْلَ (2) القديم في أن ما دُونَ ثلث الدِّيَةِ لا يُضْرَبُ على العَاقِلَةِ. والمذهب الأول. وإذا فُقِدَتْ الغُرَّةُ، وقلنا بالانْتِقَالِ إلى خَمْسٍ من الإبِلِ، فيغلظ إذا كانتِ الجِنايَةُ عَمْدَ خَطَأً بأن تُؤْخَذُ حِقَّةٌ ونصف وجَذَعَةٌ ونصف، وخَلَفَتَانِ، حُكِيَ ذلك عن الأُسْتَاذِ أبي طَاهِرٍ الرّيَادِيِّ، وتابعه الأَئِمَةُ، ولم يَتَكَلَّمُوا في التَّغْلِيظِ عند وجود الغُرَّةِ، إلا أن الرُّويانِيَّ قال: ينبغي أن يُقَالَ: تجب غُرَّةٌ قيمتها نِصْفُ عُشْر الدِّيَةِ المُغَلَّظَةِ، وهذا حَسَنٌ.