وأما في حالة الصلاة فهو شرط للصحة، فلو تركه مع القدرة بطلت صلاته، سواء كان في خلوة، أو معه غيره (1) خلافاً لمالك، حيث قال: إنه ليس بشرط؛ لكنه واجب في الصلاة وغيرها، وروى بعضهم عن مذهبه أن الستر شرط عند الذكر، ولا يشترط حالة النسيان.
لنا قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2).
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: يعني الثياب عند الصلاة.
وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يَقْبَل الله صَلاَةَ حائِضٍ إلاَّ بِخِمَارٍ" (3).
والمراد بالحائض البالغة (4)، ذلك أن تعلم قوله: (الشرط الثالث ستر العورة) بالميم لما حكينا عن مذهب مالك.
وقوله: (يلزمه الستر في الخلوة) إن كان المراد منه الاشتراط، فكذلك ينبغي أن يعلم بالميم، وإن كان المراد منه الوجوب فلا يجوز أن يعلم قوله: (ستر العورة) بالحاء، والألف أيضاً؛ لأنه يشير إلى أن ستر الكل شرط، فإنه لو كان البعض مكشوفاً صح أن يقال: ما ستر عورته، ستر بعضها.
وعند أبي حنيفة: لو ظهر من العورة المُغَلَّظَةِ قدر درهم بطلت صلاته، ولا بأس بظهور ما دونه، ولو ظهر من العورة المخففة قدر ربع عضو بطلت الصَّلاة، ولا بأس بظهور ما دونه.
قال: والمغلظة السوأتان، والمخففة ما سواهما على تفاوته بين الرجل والمرأة كما سيأتي.
وعند أحمد لو ظهر اليسير من العورة، لم يضر، ولم يقدر كما فعله أبو حنيفة -رحمه الله-.
قال الغزالي: وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَعَوْرَةُ الحُرَّةِ جَمِيعُ بَدَنِهَا إلاَّ الوَجْهَ