تاجراً لم يُقْبَل. وقوله في الكتاب: فقال: "كَذَبا، لَمْ يُسْمَعْ" أي لم يسمعْ تكذيبه، وحُكِمَ بموجب الشهادة.
وقوله "كالأسير" ليس مقيساً عليه، بل هو مثال ظهور مخايل الإكراه، والمعنى؛ فإن ظهرت مخايل الإكراه، كما في الأسير، فالقول قوله.
وقوله "ولو نقل الشاهدُ لفظه" إلى آخره هو الكلام المنسوبُ إلى الشيخ أبي محمَّد، وقد قَال: إن شرطَّنا التفصيلَ والتعرُّض للشرائط، فمِنَ الشرائط كونُه مختاراً، وإذا تعرَّض الشاهدُ له، فقوله "كنت مكرهاً" تكذيبٌ للشاهد، وإن لم يشترطِ التفصيل، فإنما لا يشترط إذا قال الشاهد: إنه ارتد، فيكتفي به لِتَضَمُّنِهِ حصولَ الشرائط، فأما إذا قال: إنه تكلَّم (1) بكذا،، ولم يتعرَّض إلى الاختيار (2) وسائر الشرائط، فيبعد أن يُحْكَم بردته، ونَقْنَع بأن الأصل الاختيار. وقوله "ولا ينبغي، أن تُقْبَل الشهادةُ على الردَّة مطلقاً" مَيْلٌ إلى اشتراط التفصيل، والظاهرُ خلافُهُ.
قال الغَزَالِيُّ: وَلَوْ خَلَّفَ رَجُلٌ ابْنَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: مَاتَ أَبِي كَافِراً صُرِفَ نَصِيبُهُ إِلَى الْفَيْءِ عَلَى قَوْلٍ، وَعَلَى قَوْلٍ يُصْرفُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَصِّلْ كَيْفِيَّة الكُفْرِ وَالمَذَاهِبُ تَخْتَلِفُ فِيهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُسْتَفْسَرُ وَيُحْكَمُ بِمُوجِبِ تَفْسِيرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُفْسِّرْ يُوقَفْ، وَالأَسِير إِذَا ارْتَدَّ مُكْرَهاً فَأَفْلَتَ وَلَمْ يُجَدِّدَ الإِسْلاَمَ حَيْثُ عُرِضَ عَلَيْهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُخْتَاراً، فَإِنِ ارْتَدَّ مُخْتَاراً فَصَلَّى صَلاَة المُسْلِمينَ قِيلَ: يُحْكَمُ بِإِسْلاَمِهِ بِخِلاَفَ الكَافِرِ الأَصْلِيِّ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِغُمُوضِ الفَرْقِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: في الفصْل مسألتان:
إحداهما: ماتَ رَجُلٌ معروفُ الإسلام عن ابنَيْن مسلمَيْن، فقال أحدهما: مات مسلماً، وقال الآخر: إنَّه كَفَر بَعْد إسلامه، ومات كافراً، فإن بيَّن سببه، فقال: إنه سجَد للصنم، أو تكلَّم بما يوجب الكُفْر، فلا إرْثَ له، ونصيبه ينْصَرِف إلى بيت (3) المال، وإن أطلَق، ولم يفصِّل، فقولان:
أحدهما؛ عن رواية الشيخ أبي محمَّد؛ أن نصيبه يُصرف إليه، ولا يعتبر الإقرار المُطْلَق؛ لأن المذاهب في التَّكْفِير مختلفةٌ، وقد يكفر أهل البدَعِ، ويعتقد ما ليس بالكُفْرِ كفراً.