قال: اعتمد الشهود ظاهر اليد، والمدعي يعلم أنه ملكي، فحلفوه على نفيه. هل يُجَاب إليه وفيه خلاف
فإن قلنا: ليس له تحليفه لم يندفع القطع، وإن قلنا: له تحليفه فيبعد أن يقطع بيمين المدعي، ويتوجه دفعه. قال (1) القاضي ابن كج موضع الخلاف في أن القطع هل يسقط بدعوى السارق الملك ما إذا حلف المسروق له على نفي الملك الذي يدعيه؟ أما إذا نكل وحلف السارق فيستحق المال، ويسقط القطع بلا خلاف، ولو نكل السارق أيضاً، فيشبه أن يجيء الخلاف.
فرع: إذا سرق مال صبي، أو مجنون، قال القاضي ابن كج: إن انتظرنا حضور الغائب، واعتبرنا طلبه، فينتظر بلوغ الصبي، وإفاقة المجنون. وإلا قطعناه في الحال.
آخر إذا قلنا: يسقط القطع بدعوى الملك. فهل يستفصله القاضي سعياً في سقوط الحد؟ فيه تردد (2) للإمام.
النظر الثالث في الواجب. يتعلق بالسرقة حكمان:
أحدهما: الغرم فعلى السارق رد المال إن كان باقياً، والضمان إن تلف، يستوي في ذلك الغني والفقير: وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: الغرم، والقطع لا يجتمعان. فإن قطِع، سقط عنه الضمان. وإن غرم، سقط عنه القطع.
وقال مالك: إن كان غنياً لزمه الضمان، وإلا، فلا.
لنا أن القطع يجب حقاً لله تعالى، والضمان يجب لحق الآدمي، فلا يمنع أحدهما الآخر. وصار كرد العين (3) مع القطع، يجمع بينهما بالاتفاق.
الثاني: القَطْعُ: فتقطع يمين السارق والسارقة؛ قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} المائدة: 38 وقرأ ابن مسعود (4) -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أيمانهما والقراءة الشاذة تنزل منزلة أخبار الآحاد.
ورُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- "أَتَى بسارق فقطع يمينه" (5).
فإن سرق ثانياً، قُطِعَت رجله اليسرى، فإن سرق ثالثاً قُطِعَت يده اليسرى، وإن