ولا فرق بين أن يكون معها المالك، أَو أَجِيرُهُ أو مستأجر الدَّابَّةِ (1)، أو المستعير، أو الغاصب لشمول اليَدِ، ولا فرق بين البَهِيمَةِ الواحدة، وبين عَدَدٍ منها كالإِبِلِ المُقَطَّرَةِ، ولو كان معها قائد وسَائِقٌ، فالضمان عليهما بالسَّوِيَّةِ، لأنها تحت يدهما، وفي الراكب مع السائق أو القائد وَجْهَان:
أحدهما: أن الجواب كذلك.
والثاني: تخصيص الرَّاكِبِ بالضمان لقوة يَدِهِ، وتصرفه، وبنى ذلك على الخِلاَفِ فيما إذا تَنازَعَ الراكب والسائق في الدَّابة تجعل في يَدِهِما، أو تختصُّ بالراكب، وإن اجتمع الرَّاكبُ والسائق والقائد، ففي وجه يختصُّ الراكب بالضَّمَانِ.
وفي وجه نجعله بينهم أثْلاَثاً.
ولو كان يسير دابة فَنَخَسَها إنسان، فَرَمَحَتْ، وأتلفت شيئًا، فالضمان على الناخس وفي كتاب ابن كج وَجْهٌ آخر أنه عليهما، وإن انفلتت (2) الدابة من يد صاحبها، وأتلفت شيئًا، فلا ضَمَان عليه بخروجها من يده، ولو كان راكبها فعَصَتْ على اللِّجَامِ، وركبت رأسها، فهل يضمن ما تتلفه؟ فيه قولان:
أحدهما: لا؛ لخروج الأمر مِنْ يده وعن اختياره.
والثاني: نعم -لأن من حَقِّهِ أن يضبط مَرْكُوبَهُ، أو لا يركب ما لا يضبطه وعن صاحب "التلخيص" طَرْدُ الخلاف وإن لم يكن الذي (3) معها راكباً (4) كما إذا غلبت السَّفِينَتَانِ الملاَّحين.
قال الإِمَامُ: والدابة النَّزِقَةُ التي لا تنضبط بالكَبْح والترديد في مَعَاطِفِ اللِّجَامِ، لا تركب في الأسْوَاقِ، ومن ركبها فهو مُقَصِّرٌ ضامن لما تُتْلِفه، وإذا راثَتِ الدابة أو بَالَتْ في سَيْرِها في الطريق، فزلق به إنسان، وتَلِفَ نفس أو مالٌ، أو فَسَدَ شيء من رَشَاشِ الوَحْلِ بممشاها وقت الوَحْلِ والأنْدَاءِ، أو بما يَثُورُ من الغُبَارِ، وقد يضر ذلك بثياب البَزَّازِينَ، وبالفواكه، فلا ضَمَانَ؛ لأن الطريق لا تَخْلُو عن ذلك والمَنْعُ من الطُّرُوقُ مما لا سبيل (5) إليه.