أنْ تَجِدْهُ وقَعَ في ماءٍ (1).
وأيضاً فإنَّهُ لم يتحقق سببٌ سِوَى الجرح الَّذِي أصابَه، فالوجْهُ إِضافَةُ الموتِ إليه، ولذلك يوجبُ القِصَاصُ بجرْحٍ وُجِدَ، ودَامَ أثرُه إلى الموتِ، وإنْ احتملَ أنْ يكونَ الموتُ بسببٍ آخرَ، وَيحلُّ الجنِينُ بذبْح الأُمِّ حِوَالَةٍ لموته (2) علَى انْقِطاع الزوج عنه بِذَبْحِ الأُمِّ، وإن أَمْكَنَ أن يكونَ موتُهُ بسببٍ آخَر.
ووجْهُ التحرِيم مَا رُوِيَ عن عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ -رضي الله عنه- قال: قُلْتُ يا رسُولَ الله، إنَّا أَهْلُ صَيْدٍ، وإنَّ أَحدَنَا يرمي الصيْدَ فيغِيبُ اللَّيْلَتَيْنِ والثلاثَ فنجدهُ مَيِّتًا. فقالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذَا وجدْتَ فيه أَثَرَ سَهْمِكَ، ولم يكُنْ فيه أَثَرُ سَبُعٍ، وعلمْتَ أن سَهْمَكَ قَتَلَهُ؛ فكُلْ" (3) فشرطُ العِلْم بأنَّ سَهْمَهُ قَتلَه.
وعن ابن عباس -رحمه الله- أنَّه قَالَ: كُلْ ما أَصْمَيْتَ ودَعْ ما أَنْمَيْتَ (4) وفَسَّرهُ الشافِعِيُّ -رضي الله عنه- فقال: "ما أَصميتَ": أي قَتلَهُ سهمُكَ، أو كلبُكَ، وأنتَ ترَاهُ، "وما أَنميْتَ" ما غابَ عنكَ مقتلَهُ، ولأنَّه يحْتَمِلُ أن يكونَ الموتُ بسببٍ آخر، والتحرِيمُ ما يُحتاطُ له، وذكر "صاحبُ التهذيب" أنَّ أَصَحَّ القولَيْن الحلُّ، لكِنْ أصحَابُنَا العراقِيُّون وغيرُهم إلى تَرْجِيحِ التحريم أميلُ.
والثَّانِي: القطعُ بالحلِّ؛ لأنَّ الشافِعِيَّ -رضي الله عنه- قال: إِلاَّ أن يكونَ في الحل خبرٌ وقد ثبَت الخبرُ فيه.
والثالِثُ: القطْعُ بالتحرِيم، وحَمْل الخبَرِ على ما إذَا أَنْهَاهُ الجرحُ إلى حالةِ حَركةِ المذْبُوحِ. وعند أَبِي حَنِيْفَةَ: إنْ أتْبَعهُ عَقِيب الرمي فوجدَه مَيْتًا -حلَّ، وإنْ أَخَّر اتباعه لمْ يَحِلّ. وعن مالكٍ: أنَّه إن وجدَه في يَوْمِه حلَّ، وإن وجدَه بعد ذَلك فلاَ يحلّ.
واعلمْ أنَّ مَسْأَلَةَ القولَيْنِ: تسمَّى مسألةَ الإِنْماء، ولم يذكُرْ هذه اللفظَةَ هاهنا وذكرَهَا من بعد.
قال الغَزَالِيُّ: وَالتَّسْمِيَةُ مُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَ الذَّبْحِ وَعِنْدَ إرْسَالِ الْكَلْبِ وَالسَّهْمِ وَلاَ تَشْتَرِطُ* وَهَلْ يَكْفِي للِاسْتِحْبَابْ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ عَضِّ الْكَلْبِ وَجْهَان.