وعن عائشةَ -رضي الله عنه- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ ويَبْرُكُ (1) في سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ فَضَحَّى (2)، وذُكِرَ له تَفْسِيران.
أَحدُهما: أن المرادَ سوادُ أَظْلافِه، ومَوْضِعُ برُوُكِه، وما خالط بِعَيْنَيْه.
وقِيلَ: هو إشارةٌ إلى كَثْرَةِ ظِلِّه لسُمْنَهِ وضَخَامَةِ حُثَّتِه وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "عَظِّمُوا ضَحَايَاكُمْ فَإِنَّهَا عَلَى الصِّرَاطِ مَطَايَاكُمْ" (3).
وعند أَبِي حَنِيْفَةَ: يجبُ التضيحةُ على كُلِّ مقيم في البلد مُوسِرٍ والمُوسِرُ هو الذي يملك نِصَابًا زَكَاتيّاً، ولا يجب على المسافِرينَ وأهل القُرَى والفُقَراءِ.
وذهب مَالِكٌ -أيضاً- إلى وُجُوبِهَا , ولم يشترط الإقامةَ.
واحتج الأصحابُ لنفي الوجُوب بما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثَلاَثٌ هِيَ عَليَّ فَرَائِضُ وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ: النَّحْرُ والوتْرُ وركعتا الضُّحَى" (4).
ويُرْوَى: "ثَلاَثٌ كُتِبتْ عَلَيَّ وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْكُمْ الضُّحَى والأَضْحَى والوِتْرِ" (5).
وبما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا دَخَل العَشْرُ (6) وأَرَادَ أَحَدُكُمْ إنْ يضَحِّيَ فلا يَمَسَّنَ مِنْ شَعْرِهِ وبَشْرَتِهِ شَيْئاً" علق التضحية بالإِرَادَةِ.
وعن أَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ -رضي الله عنهما- "أنَّهما كانا لا يُضَحِّيَانِ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى ذلك وَاجِبًا" (7)، وأيضاً فإراقَةُ دَمٍ لا تجب على المسافِرِ، فلا تجب على المُقِيمِ كالعَقِيقَةِ.